ما يملكه الناس، وتزيد في مشكلة الفقر مشكلة، وتبعد الناس عن النظافة، فتهيء بذلك للأوبئة أمكنة جيدة، لتلعب بها كيف تشاء. ودليل ذلك ما نجده في كتابات المسند من إشارات إلى أمراض وأوبئة تعم المناطق المنكوبة بالحروب، حيث تكتسح من الأحياء، ما لم يتمكن السيف من اكتساحه منهم.

وذكر الأخباريون نوعًا من البثور يخرج بالبدن، دعوه: العدسة، عرفوه أنه: بثرة صغيرة شبيهة بالعدسة، تخرج بالبدن مفرقة، كالطاعون، فتقتل غالبًا، وقلما يسلم منها. وقد رمي بها أبو لهب فمات. والظاهر أن هذا المرض كان منتشرًا بمكة، فقد روي أن قريشًا كانت تتقي العدسة، وتخاف عدواها1.

وقد كان الجاهليون يعرفون عدوى بعض الأمراض، فكانوا يتجنبونها ولا يقتربون من المريض المصاب بها، ويطلقون عليها العدوى2، فكانوا إذا أصيبوا بأوبئة، فروا إلى أماكن بعيدة سليمة تهربًا منها، وحجروا على المريض، لئلا يقرب منهم، فينتقل المرض إليهم. وذلك لما كانت الجاهلية تعتقده في بعض الأمراض من أنها تعدي بطبعها، مثل الجذام3.

والحصبة: من الأمراض المعروفة عند الجاهليين4. وكذلك الجُدَري. وقد ذكر بعض الأخباريين أن أول جدري ظهر هو ما أصيب به أبرهة5. وهو قول من هذه الأقوال المعروفة عند الأخباريين، فالجدري من الأمراض القديمة المعروفة عند الجاهليين قبل أبرهة بزمان.

وذكر أن العرب عالجت الحصبة والجدري بمرار الشجر، وبالحنظل والحرمل6.

و"السل" من الأمراض المعروفة بين الجاهليين. ذكر بعض أهل الأخبار أنه عرف بـ"داء الياس"، لأن "الياس بن مضر" أول من مات من السل، فسمي بذلك، وسمي بـ"ياس"7.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015