وكان بلال، أقلعت عنه الحمى، يقول:
ألا ليتَ شعري هل أبيتن ليلة ... بوادٍ وحولي اذخر وجليل
وهل أردن يومًا مياه مجنة ... وهل تبدون لي شامة وطفيل
وكان عامر بن فهيرة، يقول:
قد وجدت الموت قبل ذوقه ... كل امرئ مجاهد بطوقه
كالثور يحمي جسمه بروقه1
إلى غير ذلك مما يخبر عن شدة وقع تلك الحمى في أجساد المهاجرين، ولما رأى الرسول ما حل بصحابته من هذه الحمى ومن ضجرهم من الإقامة بيثرب بسببها توسل إلى الله أن يخفف عنهم أذاها وأن يزيل عنها هذا المرض وأن يبرأها منه2.
ويقسم العرب الحمى إلى نوعين: حمى يشعر الإنسان فيها بحرارة شديدة تصيب الجسم، قد تجعله يتصبب عرقًا من شدة وقع الحمى على الجسم، ولا يكون معها برد، وقد يصاب المريض بها بصداع ووجع شديد في الرأس، وحمى يشعر الإنسان فيها بنفضة ورعدة وقشعريرة، يقال لها: "نافض" و"النافض"، و"حمى نافض"3، وهي: حمى الرعدة، لوجود رعدة وقشعريرة بها تصيب الجسم4. ويقول العرب لقرة الحمى ومسها في أول، عدتها: "العرواء"، وقيل: أول ما تأخذ من الرعدة5. ويقال لهذه الحمى: "الراجف"؛ لأنها ذات رعدة ترجف مفاصل من هي به6. و"القعقاع"، وهي حمى نافض تقعقع الأضراس7.
و"القفة"8.