وأشير إلى الخاتم في شعر لامرئ القيس. فورد فيه:

ترى أثر القَرْح في جلده ... كنقش الخواتم في الجرجس

والجرجس: الشمع، وقيل هو الطين الذي يختم به، وقيل هو الصحيفة. وبكل من ذلك فسر قول الشاعر المذكور1. ومن معاني "الجرجس" البعوض الصغير2. ويظهر أن اللفظة من المعربات، عُربت عن الإرمية. فهي تعني البعوض الصغير، إذا قيل Gargso، وهي تعني الصلصال والطين الذي يختم به إذا قيل3 Garguechto.

ويذكر بعض أهل الأخبار أن أول من ختم رسائله "عمرو بن هند"4. وذكر علماء اللغة أن خاتم الملك الذي يكون في يده يُسمى "الحِلق" وأنشدوا في ذلك:

وأُعطيَ مِنَّا الحِلْقَ أبيضُ ماجِدٌ ... رديفُ مُلوكٍ ما تَغبُّ نوافِلُهْ

كما أنشدوا بيتًا للشاعر جرير، ذكر فيه "الحلق": حلق المنذر بن محرق إذ قال:

ففاز بحلق المنذر بن محرق ... فتى منهم رخو النجاد كريم5

وذكر أيضًا أن الحلق خاتم من فضة بلا فص6. ويظهر من ذلك أن الملوك كانوا يصطنعون خاتمًا لهم، يكون دليلًا على صدق رسائلهم وأوامرهم، يحملونه معه، أو يودعونه عنه كاتم أسرارهم، وعلى ذلك جرى الأمر في الإسلام. فقد سار الخلفاء على سُنَّة الرسول من اتخاذه خاتمًا يختم به الرسائل، والكتب والأوامر، وبقي الأمر كذلك عند من جاء بعده من الخفاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015