معه، فيعلقها بحزامه، أو يضعها تحت ثيابه، ويكون لها غطاء يمنع الحبر أن ينساب منها، ويكون بها تجويف تخزن فيه الأقلام والمقطة. وقد تكون المحبرة كأسًا صغيرة ذات غطاء يخزن الحبر فيها. وقد عرفت لذلك بـ"كست هسفر" "كاست هاسيفر", أي: "كأس الكتاب" في العبرانية1. وقد بقي الكتّاب وطلاب العلم والعلماء يستعملون تلك المحابر القديمة إلى عهد قريب، إذ حلت محلها الأقلام الحديثة المحملة بالحبر، وما زال بعض رجال الدين ومن يعنون بجمال الخط وتحسينه يستعملون أقلام القصب والحبر القديم على الطريقة القديمة المذكورة.
وقد عرفت المحبرة الكبيرة التي يحفظ فيها الحبر والأقلام والمقطة ومواد الكتابة الأخرى بـ"قلمارين" "قلماريون" "ق ل م ر ي ن" في "المشنا", أي: المقلمة في العربية, تمييزًا لها عن أداة أخرى عرفت بـ"ترنتوق", وهي مقلمة توضع فيها الأقلام والمبراة. وهناك لفظة أخرى، هي "لبلرين" وتقابل LibeIari في اللاتينية يطلقها المتأدبون على المقلمة2.
وقد أشير إلى الدوي، أي: المحابر في بيت شعر ينسب لأبي ذؤيب:
عرفت الديار كخط الدويـ ... ي حبّره الكاتبُ الحميري3
وذكر أن من أسماء المحبرة "ن" وأن "ن والقلم" بمعنى الدواة والقلم4.
وقد كان من عادة الكتّاب ترميل الكتابة لتجف، وكانوا يضعون الرمل في إناء خاص ثم يذرون منه شيئًا على الكتابة.
وأما المواد التي يكتب عليها، فعديدة، تتوقف على ظروف المكان ومقدرة أهله المالية، منها الحجر والخشب ومختلف أنواع المعادن والطين وورق الشجر والجلود والقراطيس وأكتاف الإبل واللخاف والعسب والقضم وغير ذلك5. وإلى الحجر المكتوب، يعود الفضل الأكبر في حصولنا على معارفنا عن عرب اليمن