وأما المادة التي يكتب بها، فهي عديدة، أهمها: الحبر، ويعرف أيضًا بالمداد1. ويصنع من مواد متعددة تترك أثرًا في المادة التي يكتب عليها. من ذلك الزاج وسخام المصابيح، يمزج مع مادة لزجة مثل صمغ العفص أو صمغ آخر، فيكتب به. ولما كان الحبر أسود، قيل له: "ديو" في العبرانية، وقد عرف بهذا المعنى, أي: "سواد" في اليونانية كذلك2 وعرف بـصلى الله عليه وسلمtramentum في اللاتينية، وهي في المعنى نفسه3.

وقيل للمداد: "نقس"، وقد وردت اللفظة في بيت شعر للشاعر "حميد بن ثور" حيث قيل إنه قال:

لمن الديار بجانب الحبس ... كخط ذي الحاجات بالنقس4

وأشير إلى "المداد" في شعر لـ"عبد الله بن عنمة"، حيث يقول:

فلم يبق إلا دمنة ومنازلٌ ... كما رُدّ في خط الدواة مدادها5

وقد ذكر "المداد" في القرآن: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} 6، "يقول عز ذكره لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- قل يا محمد لو كان ماء البحر مدادًا للقلم الذي يكتب به كلمات ربي لنفد ماء البحر قبل أن تنفد كلمات ربي"7. فالمداد إذن من الألفاظ التي كانت مستعملة قبل الإسلام.

وقد صُنع الحبر من مواد مختلفة، صنعه العبرانيون من سخام المصابيح، أما المصريون فصنعوه من مواد متعددة، فصار أتقن من المداد العبراني، ولذلك حافظ على بريقه ولونه، كما أنه لا يُمحى بسهولة، بينما كان الحبر العبراني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015