حتى اكتسب صيغته النهائية في أوائل القرن السادس للميلاد1. ولكل تلمود من التلمودين طابع خاص به، هو طابع البلد الذي وضع فيه؛ ولذلك يغلب على التلمود الفلسطيني طابع التمسك بالرواية والحديث. وأما التلمود البابلي، فيظهر عليه الطابع العراقي الحر وفيه عمق في التفكير، وتوسع في الأحكام والمحاكمات، وغني في المادة. وهذه الصفات غير موجودة في التلمود الفلسطيني2.
وبهذا يكمل التلمود أحكام التوراة، وتفيدنا إشارته من هذه الناحية في تدوين تأريخ العرب. أما الفترة بين الزمن الذي انتهى فيه من كتابة التوراة والزمن الذي بدأ فيه بكتابة التلمود؛ فيمكن أن يستعان في تدوين تاريخها بعض الاستعانة بالأخبار التي ذكرها بعض الكتاب، ومنهم المؤرخ اليهودي "يوسف فلافيوس" "جوسفوس فلافيوس "josephUs flavius" الذي عاش بين سنة 37 و 100 للمسيح تقريبًا. وله كتاب باللغة اليونانية في تأريخ عاديات اليهود "Joudaike archaioloigia"، تنتهي حوادثه بسنة 66 للميلاد، وكتاب آخر في تأريخ حروب اليهود3 "peri tou JOUعز وجلIصلى الله عليه وسلمKOU POLصلى الله عليه وسلمMOU" من استيلاء "أنطيوخس أفيفانوس" "صلى الله عليه وسلمntiochus epiphanos" على القدس سنة 170 قبل الميلاد، إلى الاستيلاء عليها مرة ثانية في عهد "طيطس" "titus" سنة 70 بعد الميلاد، وكان شاهد عيان لهذه الحادثة. وقد نال تقدير "فسبازيان" "vespasIan" و"طيطس" وأنعم عليه بالتمتع بحقوق المواطن الروماني4.
وفي كتبه معلومات ثمينة عن العرب، وأخبار مفصلة عن العرب الأنباط، لا نجدها في كتاب ما آخر قديم. وكان الأنباط في أيامه يقطنون في منطقة واسعة تمتد من نهر الفرات، فتتاخم بلاد الشام، ثم تنزل حتى تتصل بالبحر الأحمر5. وقد عاصرهم هذا المؤرخ؛ غير أنه لم يهتم بهم إلا من ناحية علاقة الأنباط بالعبرانين، ولم تكن بلاد العرب عنده إلا مملكة الأنباط6.