بل ورد في روايات أهل الأخبار في ترجمة عدي بن زيد العبادي المذكور: أن كان في الحيرة معلمون، يعلمون الأطفال القراءة والكتابة، يذهبون إلى بيوت الأطفال يعلمونهم إن شاء أهلهم، أو يعلمونهم في الكتاتيب. وقد ورد أيضًا: أن من الكتاتيب ما كانت تعلم بالعربية ومنها ما كانت تعلم بالفارسية. فكان جد عدي بن زيد العبادي مثلًا ممن تعلم في دار أبيه، وخرج من أكتب الناس في يومه "وطلب حتى صار كاتب ملك النعمان الأكبر. وكان أبوه زيد ممن حذق الكتابة والعربية، ثم علم الفارسية. ولما تحرك عدي، وأيفع، طرحه أبوه في الكتاب، حتى إذا حذق أرسله المرزبان مع ابنه شاهان مرد إلى كتاب الفارسية، فكان يختلف مع ابنه، ويتعلم الكتابة والكلام بالفارسية، حتى خرج من أفهم الناس بها، وأفصحهم بالعربية، وقال الشعر وتعلم الرمي بالنشاب، فخرج مع الأساورة الرماة، وتعلم لعب العجم على الخيل بالصوالجة وغيرها"1.
وذكر أهل الأخبار أن "لقيط بن يعمر الإيادي" الشاعر كتب صحيفة إلى قومه إياد، يحذرهم من كسرى2. وكان كاتبًا ومترجمًا في قصر كسرى، يكتب من الفارسية إلى العربية ومن العربية إلى الفارسية3، فلما أراد كسرى الانتقام من قومه، كتب إليهم قصيدة في صحيفة، فيها:
سلام في الصحيفة من لقيط
... إلى من بالجزيرة من إياد
وذكر أن "سعد بن ملك" أرسل ابنه "المرقش" الشاعر المعروف وأخاه إلى رجل من أهل الحيرة، فعلمهما الكتابة، فكانا يكتبان أشعارهما4، وذكر أنه كان يكتب بالحميرية، وأنه كتب أبياتًا بها على خشب رحل "الغفيلي الذي تركه وحده لما مرض، فلما قرءوا الكتابة ضربوا "الغفيلي" حتى أقر5.
وكان جفينة العبادي، وهو من نصارى الحيرة، وظئرًا لسعد بن أبي وقاص،