تهدم البيت, تهدمت الصورة معه1.
وفي شعر "امرئ القيس" إشارة إلى التصوير. ففي البيت:
بلى ربّ يومٍ قد لهوت وليلة ... بآنسة كأنها خط تمثال
إشارة إلى التصوير. فالخط: الكتابة والرسم, والتمثال: الصورة, والصنم, أي التمثال المجسد. والتماثيل: الصور. وقد كانوا يصورون الصورة ويرسمونها قبل الإسلام2.
ولكننا لا نملك اليوم صورًا زيتية أو صورًا أخرى مرسومة بالألوان أو الحبر أو الصبغ الأسود على أدم أو قراطيس, أو ألواح, فإن مثل هذه الصور لا يمكن أن تعمر طويلًا تحت الأتربة لذلك تبلى, ولا أستبعد احتمال عثور المنقبين في المستقبل على مثل هذه الصور, لما ذكرته من وجود الصور والتصوير عند الجاهليين.
وقد كان الجاهليون يقتنون الصور يضعونها في بيوتهم للزينة, كما كان هناك مصورون يعيشون من بيع الصور التي يرسمونها, وصناع تماثيل, ينحتونها أو يعملونها بالقوالب بجعل عجين الجبس فيها, فإذا جفّ أخذ شكل التمثال, فيباع. وقد أشير إلى التصوير وصنع التماثيل في الحديث, بمناسبة ما ورد فيه من كره الإسلام للتصوير, أو تحريمه كما ذهب إليه البعض, فقد كره في الإسلام تصوير كل ذي روح, مثل: تصوير إنسان أو حيوان, وكره بيع المصورات, واتخاذ التصوير حرفة يتعيش منها. وقد سأل بعض المصورين "ابن عباس" رأيه في التصوير, وهي حرفته التي كان يتعيش منها, فنهاه عنها, إلا إذا صور شجرًا أو شيئًا لا روح فيه. وكانت معيشة هذا المصور من صنعة يده, يصنع التصاوير ويبيعها للناس3.