وقد اتخذ العرب الجنوبيون من الحجر أثاثًا لهم, فنحتوا منه أسرة وعروشًا. وقد عثر على قطع من المرم, هي من بقايا عروش أو كراسي عملت لبعض الأغنياء. وعثر على كراسي مصنوعة من أحجار أخرى. كما عثر على صناديق صنعت من حجر, وقد زوّقت واجهاتها وزخرفت وحفرت عليها بعض الصور التي تمثل الأوراق والنباتات والأزهار والنوافذ أو واجهات البيوت1.

واتخذوا من الحجارة مذابح "صلى الله عليه وسلمltars" وللمذابح مكانة في الطقوس الدينية ورسوم العبادة عند الجاهليين. ويقال لها: "مذبحت" و"مذبح" و"حردن". تذبح عليها حيوانات كبيرة مثل ثيران. وقد عثر على نماذج منها في مختلف المعابد2. وقد زُين بعض منها وزخرف بصور حيوانات حفرت عليها أو نحتت, كما حفرت عليها رموز لها علاقة بالعبادة والآلهة. وهي تفيدنا من هذه الناحية في الوقوف على فن الزخرف والنقش وعلى كل ما له من علاقة بالحياة الدينية عند الجاهليين.

وللمباخر والمجامر والمحارق أهمية أيضًا بالنسبة لمن يريد الوقوف على الفن الجاهلي. وقد عرفت المحارق بـ"مصرب" و"مشود". وهي مواضع لحرق ما يقدم إلى المعبد من ضحايا عليها3. وعرفت المجامر بـ"مسلم", وأما المبخرة, فهي "مقطر"4. وقد عثر على نماذج عديدة منها. وقد صنعت من مواد مختلفة من مرمر ومن معادن. مثل: البرنز أو الذهب أو الفضة. وقد تفنن في صنعها, وبعضها مفتوح ليس له غطاء, وبعض آخر له غطاء. وقد نقش على بعض منها اسم الطيب الذي يحرق بالمجمرة, واسم صاحبها والمعبد أو الإله الذي خصصت به.

ولم يصل إلينا ويا للأسف من مصوغات الذهب والفضة شيء كثير. والصياغة صناعة اشتهرت بها العرب الجنوبيون, حتى بالغ في ذلك بعض الكتاب اليونان, فأشاروا إلى أوانٍ وأثاث وأدوات منزلية أخرى مصنوعة من الذهب والفضة5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015