وقد توضع فيه بعض المواد لإعطائه نكهة خاصة، أو يوضع عليه السمسم أو غيره، كما نفعل اليوم.
ويخبز الخبز عند الحضر وأهل الريف في "التنور". و"التنور" من الألفاظ الواردة في عدد من اللغات السامية؛ فهو "تنورو" Tanuru في الآشورية1, و"تنور" في العبرانية2, والتنور العربي هو نفس البابلي القديم نفسه3.
وقد عيّر "حسان بن ثابت" رهط "النجاشي" الشاعر, بأنهم لم يكونوا أهل حرب ولا طعان ولا فرسان، وإنما هم قوم لا يعرفون غير الأكل والجلوس حول التنانير، يأكلون ما يخبز فيها4.
وعاش بعض الناس على بيع الحليب واللبن والزبدة والجبن. أما "اللبن"، فإنه الحليب المثخن، أي: الحليب الغليظ, غلظ بتسخينه وبإضافة خميرة إليه. وأما الزبدة، فتستخرج من خض الحليب وتحريكه، فتتجمع مادة دهنه وتكون الزبدة. وأما الجبن، فإنه من أكل أهل القرى والمدن في الغالب, أما الأعراب، فلم يستعملوه بكثرة، ولا زالوا على هذه العادة. وقد يستعمل بعضهم اللبن المجفف، فبعد تحويلهم الحليب إلى لبن، يجففون اللبن، ويستعملونه عند الحاجة. وقد ذكر الجبن في التوراة بـ"جبينة" من أصل "جبن" أحد الألفاظ السامية القديمة5.
ويعيش أناس من الجِزارة، فكانوا يبيعون اللحم ويتكسبون بهذه الحرفة، كما كانوا يقومون بالجزارة للناس في مقابل أجر يتقاضونه، قد يكون نصيبًا يدفع إليهم من الذبيحة، وقد يكون شيئًا آخر يحصل التراضي عليه6. ولكن العادة أن يقوم الذبَّاحون بذبح الذبائح لأهل البيوت مقابل دفع شيء إليهم من الذبيحة أو بعض الأشياء التي يحتاجون إليها، وقد يقوم بالذبح أصحاب البيوت أو الخدم أو الطباخون, وذلك في العوائل الكبيرة؛ ولهذا فحرفة الجزارة لم تكن من الحرف