الأخرى، يصنعها من الحديد، كما أنه يعد للحرف الأخرى ولأهل البيوت كثيرًا من الآلات، يصنعها من الحديد. وكان فضلًا عن ذلك, الخبير الاختصاصي بصنع السلاح على اختلاف أنواعه وتجهيز الحكومات والأفراد بالسلاح الذي يستعمل في الدفاع وفي الهجوم؛ لذلك كانت حرفته مهمة خطيرة، ولا يزال الحداد يعد للناس في جزيرة العرب السلاح؛ كالسيوف والخناجر والدروع والسكاكين والنصال المعدنية وغير ذلك من أدوات كانت تستعمل في الحروب لذلك العهد، وسأفرد لها بحثًا خاصًّا.
وذكر بعض علماء اللغة أن القين هو العامل بالحديد, وقال بعض آخر: إن القين الذي يعمل بالحديد ويعمل بالكير، ولا يقال للصائغ قين. وذكر بعض آخر أن القين الحداد، ثم صار كل صائغ عند العرب قينًا, وذكر بعض آخر أن القين هو الذي يصلح الأسنة، إلى غير ذلك من آراء. وكان من بين أصحاب الرسول من كان قينًا، مثل "خباب بن الأرت"1، ذكر أنه كان يشتغل للعاص بن وائل. وكان العاص هذا من الزنادقة، ومثله: عقبة بن أبي معيط، والوليد بن المغيرة، وأُبيّ بن خلف2. وكان خبَّاب يضرب السيوف الجياد ويدقها، حتى ضرب به المثل، ونسبت إليه السيوف3, كما اشتهر بها رجل آخر عرف بـ"ريش المقعد"، أي: النبل, والمقعد اسم رجل كان يريش السهام4, والنبل: السهام، والنبَّال: صاحب النبال وصانعها، وحرفته النبالة5. وتحبس في الجعبة، يحملها صاحبها معه، فإذا أراد الرمي، فتحها ليستخرج منها ما يشاء.
ومن الحدادين الأعاجم الذين ذكرهم أهل الأخبار، الأزرق بن عقبة أبو عقبة