يداس، أو ما يبقى على الأرض من حب بعد التذرية1. فيشترط بعضهم أن تكون القصارى للمذري، وقد لا يوافق على ذلك صاحب الزرع، فتكون له. وقد يحدث الاختلاف بين صاحب الزرع وبين المذري، بسبب اتهامه للمذري، باستغلال الشرط، والإفراط في إسقاط الحب على الأرض للاستفادة منه.
وذكر أن أحدهم كان يشترط في المزارعة ثلاثة جداول والقصارة، أي ما سقى الربيع. وقد نهى النبي عن ذلك2. والجدول النهر الصغير، ونهر الحوض ونحو ذلك من الأنهار الصغار3.
ولما جاء المهاجرون إلى يثرب، وكان بينهم قوم يحسنون الزراعة، وكانوا يريدون عملًا يعتاشون منه، حاقلوا أصحاب الأرض على زرع أرضهم في مقابل نصيب معلوم، كانوا يتفقون عليه. وقد نجح بعض منهم في استغلال الأرض، وكسبوا منها. غير أن قسمًا منهم اختصموا مع الملاك، بسبب توزيع الحاصل أو الماء، فكان الرسول يتداخل بنفسه لحسم الخلاف. وقد صار الصحابة من أهل مكة بين تاجر وبين زراع، ورد في حديث "أبي هريرة": "لم يشغلني عن النبي غرس الودي، أي صغار النخل"4. وورد أن الأنصار قالوا للمهاجرين: تكفونا المؤونة في النخل بتعهده بالسقي والتربية ونشرككم في الثمرة، واتفقوا على ذلك5.
وقد نهى الإسلام عن المحاقلة والمزارعة والمؤاكرة، وذلك لما كان يقع بسببها من خلاف بين المالك والفلاح، وما كان يقع من ظلم في القسمة أو اختلاف على توزيع الحاصل. فلما جاء الرسول إلى "يثرب"، ورأى هذه الخصومات، نهى عن إيجار الأرض وكرائها بقوله: "من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها، فإن لم يفعل فليمسك أرضه"6. وفي رواية أخرى أنه لم "يحرم المزارعة، ولكن قال أن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ شيئًا معلومًا،