الاستمرار في الحفر. خاصة إذا كانوا قد بلغوا عمقًا بعيدًا في باطن الأرض. وقد كلفهم الحفر صرف مال كثير، فإذا تركوه أصيب صاحب البئر بخسارة، لذلك يتحايل الحفارون على الأرض بالتعاريج في الحفر، يمنة ويسرة، للعثور على موضع ينزلون منه إلى موضع وجود الماء، ويقولون لذلك: "التلجيف". ويراد به الحفر في جوانب البئر1.
وقد تنقر آبار صغيرة ضيقة الرؤوس في نجفة صلبة، لئلا تهشم، ويقال لمثل هذه الآبار المناقر. وأما المنقر، فيراد بها البئر التي يكثر فيها الماء2. وفي بعض المناطق الصخرية والجبلية آبار منقورة تتجمع فيها مياه جوفية تنحدر إليها من المواضع المرتفعة أو من مياه الأمطار التي تتساقط على المواضع المرتفعة فتسيل إلى أفواه تلك الآبار وتدخل إليها وتتجمع فيها، فيستفيد منها الناس.
وفي جملة الألفاظ الواردة في الكتابات العربية الجنوبية والمستعملة في حفر الآبار وتوسيعها وتعميقها، لفظة "حفر"، وهي بالمعنى المفهوم منها في عربيتنا. ولفظة "سنبط"، ويقصد بها معنى "استنبط"، من "نبط" ويراد بها ظهور الماء واستخراجه من باطن الأرض وأما لفظة "سبحر"، فتعني "استبحر"، من أصل بحر، بمعنى التعميق. ولا يزال حفرة الآبار في العراق يستعملون لفظة تبحير البئر بمعنى تعميقها3. وفسرت لفظة "ضفر"، بمعنى الدعم بالحجارة، أي كسوة جدار البئر بالحجارة4.
وللمحافظة على البئر من الانهيار بسبب رخاوة جدرانها وتساقط المياه الممتوحة منها، عمدوا إلى ربرها من قعرها إلى أعلاها بالحجارة، ويعبر عن هذا الجدار بلفظة "كولم" "كول" في المسند. وبـ"جول" في عربيتنا. ورد في كتب اللغة: "الجول: جدار البئر"5. ويقال لمثل هذه البئر "المزبورة" أي المطوية