ينزل على هذه الدرجات حتى يبلغ الماء ولا يزال بعض هذه الحياض موجودًا يستعمله الناس. وقد وصف السواح الذين زاروا اليمن بعضها وتحدثوا عنها وعن أبعادها وعن طرق بنائها وهندستها1.
ولمنع تسرب الماء من الحوض، يسد ما بين الحجارة من منافذ بالمدرة المعجونة، وتطلى أوجه الجدر بمادة تغطيها مثل الصهريج لمنع تسرب الماء وخروجه إلى الخارج، كما يبلط قاع الحوض ويطلى كذلك. وتوضع حجارة تنصب حول الحوض، ويسد ما بينها بالمدرة، ويقال لذلك النصيبة. ويمدر الحوض إذا طين وسد خصاص ما بين حجارته، كما يعبر عن ذلك بلفظة اللوط. ويوضع الإباد حول الحوض، أي التراب، لدعمه وتقويمه. وقد ترفع جدر الحوض فوق الأرض، وتعمل فيه صنابير لخروج الماء فيها، وقد تنشأ فيها حنفيات لأخذ الماء منها، تعمل من المعدن أو الحجارة2.
وقد عثر على ميازيب ومثاعب حجر نحتت نحتًا جميلًا، وضعت في جدران الأحواض، ليسيل منها الماء3. وقد صنعت مواضع مسايل بعضها على هيأة رؤوس حيوانات فتحت أفواهها، ومن هذه الأفواه المفتوحة يتساقط الماء. ولا يزال بعضها في هيأة حسنة ومستعملة حتى الآن. واستعملت بعضها في السطوح لسيلان الأمطار منها، كما عثر على صخور منحوتة نحتًا جميلا جدا كانت تكون الواجهة الظاهرة من جدران الحياض، وقد نحت بعضها على شكل صور حيوانات بارزة أو أوجه حيوانات، ونحت بعضها على صور أوراق نبات وأغصان أعناب أو عناقيد أعناب وما شابه ذلك من أجزاء النبات.
وثعب الماء سال، ومنه اشتق مثعب المطر. والثعب مسيل الوادي، ومنه مثاعب المدينة، أي مسايل مائها. والمثعب المرزاب4.
وتعمل الأحواض لشرب الإبل وغيرها. وقد يوضع في وسطها حجر، يكون مقياسًا للماء، يقال له "القداس" إذا غمره الماء رويت الإبل، أو هو حجر يطرح في حوض الإبل، يقدر عليه الماء، يقتسمونه بينهم. وقيل هو حصاة،