ويشربون الكرع وهو ماء السماء، فلا يزالون في النجع إلى أن يهيج العشب من عام قابل، وتنش الغدران، فيرجعون إلى محاضرهم على أعداد المياه1.

وإذا أمطرت السماء مطرًا كافيًا، كان ذلك خيرًا للعرب وفرحة عظيمة. إذ تغيث الأرض وتكسوها حلة سندسية جميلة، وتزول الغبرة عن وجهها. وتظهر الأرض فرحة مستبشرة بعد عبوس وكآبة. فتهيج الأرض وتنبت نبتًا أخضر، يكون بهجة للناظرين وطعامًا شهيًّا للإبل ولبقية حيواناتهم، تقبل عليه إقبالًا شديدًا، فتشبع وتصح أجسامها، ويكثر نسلها. ويقال للخضرة التي تكسو وجه الأرض "الكلأ"، وهو العشب، رطبه ويابسه. وأرض كليئة ومكلأة، كثيرة الكلأ2. وذكر أن العشب الكلأ الرطب، والرطب من البقول البرية، ينبت في الربيع، وهو سرعان الكلأ في الربيع يهيج ولا يبقى. ويدخل في العشب، أحرار البقول وذكورها، فأحرارها ما رق منها وكان ناعمًا. وذكورها ما صلب وغلظ منها. وذكر بعضهم أن العشب كل ما أباده الشتاء وكان نباته ثانية من أرومة أو بذر3.

وفي ذلك يقول الأعشى:

ألم تر أن الأرض أصبح بطنها ... نخيلًا وزرعًا نابتًا وفصافصا

والفصافص الرطب من علف الحيوان، ويسمى "القت". وقيل هو رطب القت. وفي الحديث: ليس في الفصافص صدقة4.

و"البقل" ما نبت في بزره لا في أرومة ثابتة. وذكر أنه كل ما اخضرت به الأرض. والفرق بين البقل ودق الشجر، أن البقل إذا رعي لم يبق له ساق، والشجر تبقى له سوق وإن دقت. وقال بعض علماء اللغة: البقل ما لا يثبت أصله وفرعه في الشتاء. والبقلة، بقل الربيع خاصة. وبقلت الأرض إذا أنبتت5. وذكر أن من أسماء بقل الربيع: الجشر6.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015