القرن الأخير قبل الميلاد1. وهناك آثار آبار ومسايل ماء تدل على أن الأرض كانت مخصبة مزروعة، ومن أشهر آبارها بئر "خداج"2. يستقي منها الأعراب ويزرعون عليها في الوقت الحاضر3. وقد وجد "فلبي" صورًا وصخورًا منحوتة تمثل رأس الإله "صلم" إله ثمود وإله هذه المنطقة، وأمامها أرض ممهدة كانت موضع تقديم القرابين لذلك الإله4.
وقد وجد "فلبي" وغيره من السياح ممن زار هذه الأرضين الواقعة شمال "يثرب"، آثار مستوطنات جاهلية كثيرة وآثار قنوات وآبار ومسايل مياه، تدل على أنها كانت عامرة مزروعة، وأن في الإمكان إحياءها، وأن آفة اندثارها هو كثرة الغزو الذي وقع عليها وعدم وجود حكومات تدافع عنها وتحميها من غزو الأعراب، الذين كانوا وباءً بالنسبة للحضر، ينهبون ما يجدونه أمامهم ويحرقون الزرع ثم يهربون.
وعرفت اليمامة بتمورها أيضًا، وهو أنواع عديدة، وكان الأعراب يأتونها لشراء التمر منها، وقد عرف الذين يردون اليمامة لامتيار التمر بـ"السواقط"، و"السقاط" ما يحملونه من تمر5.
وعرفت يثرب وما حولها وما وقع أعلاها إلى بلاد الشأم بكثرة نخلها، وهو نخل زرع سككًا في بساتين على طريقة الأنباط في أمصارهم، لا يخافون عليها كيد كائد. تتخلله السواني والسواقي لتسقيه، فيثرب حوائط وآطام، عاش أهلها على الزرع والغرس والجلاد6. وقد أشير إلى كثرة نخل يثرب في شعر ينسب إلى الشاعر "امرئ القيس"، فنعتها بـ"جنة يثرب":
علون بأنطاكية فوق عقمة ... كجرمة نخل أو كجنة يثرب7