فيه الناس بعد1.
وكانوا يعتقدون بالمسخ. وهو تحويل صورة إلى أخرى أقبح منها، وتحويل إنسان إلى حيوان أو حجر. ولهم اعتقادات في مسخ الأطفال، وتبديل "الجن" لهم بأولادهم من ذوي العاهات. وقد زعموا أن "اللات" صنم ثقيف، كان في الأصل يهوديا يلت السويق في "الطائف" فمسخ حجرا، عبد فصار "اللات".
وللعرب قصص وضعوه على ألسنة الحيوانات نجده في كتب الأدب. ولهم أمثلة وراءها قصص في سبب ضربها. ونجد في كتب الأمثال والأدب أشياء كثيرة من ذلك. وقد صوروا بعض الحيوانات ناطقة عاقلة، ونسبوا لها الحكمة والقول الحسن. وصوروا بعضها بليدة غبية. ونجد في كتب الأمثال والأدب أشياء كثيرة من ذلك2.
واتخذوا من بعض الناس مثلا على أمر من أمور الحياة. وضربوا بهم الأمثال. فضربوا المثل ببلاغة "سحبان وائل" وبقدرته على الخطابة3. وبفصاحة "قس بن ساعدة الإيادي"4. وجعلوهما المثل الأعلى في البلاغة والفصاحة عند العرب.
ووضعوا "باقل" مثلا للعي والبلادة5. فمما رووه عنه، أنه اشترى ظبيا بأحد عشر درهما، فمر بقوم فقالوا: بكم أخذت الظبي؟ فمد يديه، وأخرج لسانه، يريد بأصابعه عشرة دراهم ,بلسانه درهما فشرد الظبي حين مد يديه، وكان الظبي تحت إبطه، فجرى المثل بعيه، وقيل: أشد عيا من باقل، وأعيا من باقل، كما قيل أبلغ من سحبان وائل6. وذكر أنه كان من ربيعة7.
واتخذوا "بيهس" الفزاري، الملقب بنعامة، مثلا للحمق، فقالوا: أحمق من بهيس. وهو أحد الأخوة السبعة الذين قتلوا، وترك هو لحمقه8. زعموا أنه هو القائل:
ألبس لكل حالة لبوسها ... إما نعيمها وإما بوسها
وإنما لقب بيهس بنعامة لأنه كان شديد الصمم، وإذا دعا الرجل من العرب