والثعلب والأرنب من الحيوانات التي استعان بها الزاجر، في الزجر1. والواقع أن أهل الزجر قد توسعوا في علمهم حتى شمل كل المخلوقات، فحركات الإبل والخيل وسكناتها كلها ذات معان ومفاهيم يعرفها المشتغلون بالطيرة، وكانوا يستعينون بغيرها من الحيوانات.
وقد ذكر بعض الإخباريين أن العرب تتشاءم من الأفراس بالأشقر2. وذكروا أيضًا أنها تطيرت من: "المراة، والدار، والفرس". وفي الحديث: "إن كان الشؤم، ففي الدار والمرأة والفرس"3. وورد: "إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار". وذكر أن "عائشة"، قالت: "وإنما قال: أن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون من ذلك"، أي أن الرسول إنما قال ذلك حكاية عن أهل الجاهلية فقط4.
وكما يتغلب الإنسان على الأمراض بالأدوية والعلاج، كذلك يمكن التغلب على النحس وشؤم ناصية المرأة وعتبة الدار بالذبائح في بعض الأحيان، ولهذا جرت العادة بذبح ذبيحة أو عدة ذبائح عند زفاف العروس إلى بعلها ووصولها عتبة بيته طردا للأرواح الشريرة وإرضاء لها، كما جرت العادة بذبح الذبائح حين الانتقال إلى دار جديدة، أو حين الشعور بوجود أرواح فيها، ويقال لهذه الذبائح "ذبائح الجان"5.
وقد ابتدع الجاهليون طرقا لإبعاد الطيرة من تفكيرهم، من ذلك إنهم تجاهلوا بقدر إمكانهم، المسميات التي تبعث على التشاؤم بتسميتها بضدها من الكلمات التي لا يتشاءم منها، فسموا اللديغ بالسليم، والبرية بالمفازة، وكنوا الأعمى أبا بصير والأعور ممتعا، والأسود أبا البيضاء، وسموا الغرب بحاتم، وذلك لتشاؤمهم من الغراب6. والتسمية بالأضداد لدفع الطيرة عن الأذاه، ليست عادة جاهلية حسب، إنما هي معروفة في الإسلام كذلك. كما إنها معروفة عند غير العرب من الأمم قديما وحديثا.