الجاهلية؟ " قالوا: يا رسول الله كنا نقول حين نراه يرمى به مات ملك، ولد مولود1.

وقد جعل "المسعودي" حدة الأذهان مع نقصان الأجسام وتشويه الخلق، من جملة العوامل التي دفعت على التكهن والإخبار عن الغيب. وضرب مثلا على ذلك: شق، وسطيح، وسملقة، وزوبعة، وسديف بن هوماس، وطريفة الكاهنة، وعمران أخي مزيقياء، وحارثة، وجهينة، وكاهنة باهلة وأشباههم من الكهان2.

وقد يلحق التابع من الجن أشخاصا لم يشتهروا بالكهانة وإنما عرفوا بشدة ذكائهم ومعرفتهم بعواقب الأمور، مثل "أحيحة بن الجلاح" وكان من أشراف المدينة، وقد اشتهر عندهم بكثرة صوابه وسرعة إدراكه للعواقب. فعللوا ذلك بوجود تابع له من الجن كان يعلمه المغيبات3.

قال "الجاحظ": "وكانوا يقولون، إذا ألف الجني إنسانا وتعطف عليه، وخبره ببعض الأخبار، ووجد حسه ورأى خياله، فإذا كان عندهم كذلك قالوا: مع فلان رئي من الجن. وممن يقولون ذلك فيه عمرو بن لحي بن قمعة، والمأمور الحارث، وعتيبة بن الحارث بن شهاب.

فأما الكهان، فمثل حارثة جهينة، وكاهنة باهلة، وغزى سلمة، ومثل شق وسطيح وأشباههم4.

والكهان يرون تابعهم، وقد يتجلى لهم في صورة إنسان. ويظهر على صورة رجل للكواهن كذلك. فقد كان للغيطلة، وهي على ما يزعمه أهل الأخبار كاهنة أبوها مالك بن الحارث بن عمرو بن الصعق بن شنوق بن مرة، وشنوق أخو مدلج، تابع يفد إليها، ويدخل غرفتها، ويجلس تحتها. كما كان لفاطمة بنت النعمان النجارية، وهي كاهنة كذلك، تابع من الجن "كان إذا جاءها، اقتحم عليها في بيتها. فلما كان في أول البعث، أتاها، فقد على حائط الدار ولم يدخل، فقالت له: لم لا تدخل؟ فقال: قد بعث نبي بتحريم الزنى"5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015