بينهم، وأن بعض العرب كانوا يعبدونها، كما يظهر ذلك من الآية: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} 1.

غير أن المفسرين، لم يشيروا إلى أولئك الذين تعبدوا للملائكة، ولم يذكروا أسماءهم، مع أنهم ذكروا اسم من تعبد للجن2. بل يظهر من تفسيرهم للآية المذكورة، أنها وردت على سبيل الاستفهام "كقوله عز وجل لعيسى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} . قال النحاس فالمعنى أن الملائكة صلوات الله عليهم إذا كذبتهم كان في ذلك تبكيت لهم، فهو استفهام توبيخ للعابدين"3. ولكنهم أشاروا في مواضع أخرى إلى أن مشركي قريش كانوا يقولون: الملائكة بنات الله، وكانوا يعبدونها، ويقولون أن أمهاتهن بنات سروات الجن، يحسبون أنهم خلقوا مما خلق منه إبليس4.

وقد أشير في القرآن الكريم، إلى أن من الجاهليين من زعم أن الملائكة بنات الله5. وتحدث المفسرون في تفسير ذلك، غير أنهم خلطوا في الغالب بين الملائكة والجن. ولم يأتوا بشيء يذكر عن رأي أهل الجاهلية في الملائكة. وما ذكروه هم عن الملائكة، هو إسلامي، يرجع في سنده إلى أهل الكتاب، ولا سيما القصص الإسرائيلي، ولهذا فهو مما لا يمكن أن يقال عنه إنه يعبر عن رأي الجاهليين. ويظهر أن الجاهليين لم يكونوا يعرفون شيئًا عن الملائكة، لأن الاعتقاد بالملائكة من عقيدة الديانة اليهودية ثم النصرانية، وهم لا يعرفون الكتاب، إلا من كان منهم على دين اليهودية أو النصرانية، أو كان من الحنفاء أو على اتصال بأهل الكتاب، كأمية بن أبي الصلت وأمثاله.

وقد أشير إلى الملائكة، أي "الملائكة" في شعر ينسب إلى "أمية بن أبي الصلت"، هو:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015