سنة "565م"، أي: في زمن لا يبعد كثيرًا عن ميلاد الرسول، ذكر قبيلة من قبائل "السركينوى" Sarakenoi سماها "Maddenoi" "Maddeni" وقال: إنها كانت خاضعة لحكم Homeritae، وأن "يوسطنيانوس" "جستنيانس" "527-565م"1 قيصر الروم، أرسل رسولًا إلى ملك الـ Homeritae لينضم إلى الروم ويوافق على تعيين شيخ اسمه "Caisus" "Kaisus" على Maddeni، وتأليف جيش مشترك من "هوميريته" و"مديني" "معديني" لمهاجمة الفرس وشن الغارات على حدودهم, وقد نصب ملكًا على "مديني" ورجع الرسول ليخبر القيصر، غير أن الملكيين لم يغزوا أرض الفرس2.
وقصد "بروكوبيوس" بـ"مديني" Maddeni "معدا" وبـ"هوميريته" Homeritae "حمير"، وعنى بذلك اليمن. وكانت معد خاضعة يومئذ لحمير، وكان هذا الزمن زمن استيلاء الحبشة على اليمن, وCaisus الذي نصب ملكًا على "معد" هو "قيس"، وكان صاحب كفاءات، شجاعًا محاربًا، وكان قد قتل أحد أقرباء ملك Homeritae، وكان هذا الملك هو صلى الله عليه وسلمsimiphaeus، أي "السميذغ أشوع"، الذي نصبه النجاشي نائبًا عنه على اليمن، فتلقب بلقب "ملك", والظاهر أن وساطة القيصر لدى "السميذع" إنما كانت لإصلاح ذات البين، ولتسوية ذلك الحادث. وقد تم على ما يظهر ونجحت الوساطة، وتلقب "قيس" وهو رئيس "معد" بلقب ملك, ولا أستبعد أن يكون "قيس" هذا أحد رؤساء القيسيين.
وقد ذكر "بروكوبيوس" أن معدا هم جماعة من "السركينوى"، أي: جماعة من القبائل التي عرفت عند اليونان باسم "السرسين" أيضا، كما ذكرت ذلك في السابق. وهذا يعني أن معدا لم تكن في أيام ذلك المؤرخ الذي لم يبعد عهده عن الإسلام كثيرًا، على النحو الذي يصوره الأخباريون, وكل ما في الأمر أنها قبيلة أو مجموعة قبائل تسمى بـ"معد"، وأنها كلها أو قبيلة منها كانت خاضعة لحمير، أي للسلطة الحاكمة على اليمن يومئذ، وهي الحبشة، ثم استقلت عنها. أما بقية معد، فلم يتحدث المؤرخ عنهم؛ لذلك لا ندري