الشريعة مع الشريف لشرفه، ويتشددون مع الدنيء لدناءته وفقر حاله، ولا يراعون التساوي في أخذ النيات. "كان الشريف إذا زنى بالدنيئة رجموها هي وحموا وجه الشريف وحملوه على البعير، أو جعلوا وجهه من قبل ذنب البعير. وإذا زنى الدنيء بالشريفة، رجموه".

وكان هذا شأنهم "إلى أن زنى شاب منهم ذو شرف، فقال بعضهم لبعض لا يدعكم قومه ترجمونه، ولكن اجلدوه ومثلوا به، فجلدوه وحملوه على حمار أكاف وجعلوا وجهه مستقبل ذنب الحمار. إلى أن زنى آخر وضيع ليس له شرف، فقالوا ارجموه. ثم قالوا فكيف لم

ترجموا الذي قبله، ولكن مثل ما صنعتم به فاصنعوا بهذا"، واختلفوا فذهب فريق منهم إلى الرسول، فحكم بينهم بما جاء بحكم التوراة1.

وذكر أن "حيي بن أخطب" كان قد حكم أن للنضري ديتان وللقرظي دية، لأنه كان من النضير2.

وذكر أهل الأخبار إنه كان لليهود حكام يحكمون بينهم، ويقيمون حدودهم عليهم. فلما جاء الرسول إلى يثرب، صار اليهود يعترضون على عدالة حكم بعضهم، ولا يرضون بتنفيذ أحكامهم عليهم. فكان الحكام أو هم يذهبون إلى الرسول لكي يحكم بينهم

فيما هم فيه مختلفون وفق شريعتهم3.

وكان جل اعتماد اليهود في هذه المنطقة عند ظهور الإسلام على التجارة، ومعاطاة الربا والزرع، وبعض الصناعة: كالصياغة، وتربية الماشية والدجاج، وصيد الأسماك في أعالي الحجاز على ساحل البحر الأحمر. واشتهروا بالاتجار بالبلح وبالبر والشعير والخمر، وكانوا يجلبون الخمر من بلاد الشام. وكانوا يبيعون بالرهن، يرهن المشترون بعض أمتعتهم عندهم ليستدينوا منهم ما يحتاجون إليه. وقد ورد أن الرسول رهن درعًا له عند يهودي من أهل يثرب في مقابل شعير كان به حاجة شديدة إليه4.

ومن الصناعات التي اشتغل بها اليهود، النسيج وهو من اختصاص نسائهم على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015