ورد في الأخبار أنه كان في موضع البيت خيمة قبل أن تكون الكعبة1. وكذلك كان معبد بني إسرائيل خيمة في الأصل قبل أن يبنى الهيكل.

ويذكرون أن التبع الذي كسا البيت، هو التبع الذي أتى به "مالك بن عجلان" إلى يثرب لطرد اليهود عنها. وذكروا أن ذلك التبع هو "أسعد أبو كرب الحميري"2. وقد كساها الوصايل، ثياب حيرة من عصب اليمن. وكانت الكعبة تكسى بالحبرة والبرود وغيرها من عصب اليمن، تكسى بها ويوضع ما يفضل منها في خزانة الكعبة. فإذا تمزقت الكسوة، تستبدل بكسوة أخرى تؤخذ من الخزانة. تكسى من الداخل والخارج، وتطيب بالحلوق وتبخر بالمجامر3.

وقد سبق لي أن تحدثت عن "التبع أسعد"، وذكرت ما قاله رواة الأخبار عنه، وما جاء عنه في نصوص المسند. وكان قد علق في ذاكرة أهل الأخبار أشياء عنه وعن بعض من جاء بعده، زوقت ونمقت. على طريقتهم في رواية أكثر أخبار اليمن. ولعل ما ذكروه عن إكسائه البيت، هو من مصنوعاتهم التي وضعوها في الإسلام ليجعلوا لأهل اليمن فضلًا على الكعبة، فضل يسبق فضل العدنانيين عليها، وقد رأينا أنهم أوجدوا لهم جملة أنبياء نسبوهم إلى قحطان، ووضعوا أشياء أخرى كثيرة، في إظهار فضل القحطانيين على الإسماعيليين المتعربين يوم فات الحكم من قحطان وصار في أهل مكة في الإسلام. فكان النزاع القحطاني العدناني المعروف.

ولو جارينا أهل الأخبار، وأخذنا بروايتهم في أن التبع "أسعد أبو كرب الحميري"، كان أول من كسا الكعبة، نكون قد رجعنا بمبدأ تاريخ إكساء الكعبة إلى نهاية القرن الرابع وأوائل القرن الخامس للميلاد. وقد سبق أن تحدثت عن هذا الملك في الجزء الثاني من هذا الكتاب4.

ويظهر من روايات أهل الأخبار أن كسوة الكعبة لم تكن كسوة واحدة، ولا من نسيج واحد، بل كانت أنطاعًا، أي أبسطة من أدم، وحبرة وبرودًا، وغيرها من عصب اليمن. وهي برود يمنية يعصب غزلها ثم يصبغ وينسج، فيأتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015