وبعد أدائهم القواعد المرسومة، إلى الفرح والسرور والرقص؛ ليدخلوا السرور إلى قلوب الأرباب. ففي الحج إذن مناسك وشعائر دينية وعبادة تؤدى، واجتماع وسرور وحبور.
ويكون الحج بأدعية وبمخاطبة إلى الآلهة وبتوسلات لتتقبل حج ذلك الشخص الذي قصدها تقربًا إليها. وهذا هو الشائع والمعروف عن الحج، غير أن من الجاهليين من كان يحج حجًّا مصمتًا، أي دون كلام، فلا يتكلم الحاج طيلة أيام حجه. وقد كان ذلك من عمل الجاهلية1.
وقد ميز الشهر الذي يقع فيه الحج عن الأشهر الأخرى بتسميته بـ"شهر ذي الحجة" وبـ"شهر الحج". وذلك لوقوع الحج فيه. وهذه التسمية المعروفة حتى الآن في التقويم الهجري، هي تسمية قديمة، كانت معروفة في الجاهلية، وردت في نصوص الجاهلية. فبين أسماء الأشهر الواردة في نصوص المسند اسم شهر يعرف بـ"ذ حجتن" أي "ذي الحجة"، ويدل ذلك على أنه الشهر الذي يحج فيه. وقد وردت كلمة "حج" في نصوص المسند كذلك2.
وقد ذكر "أفيفانيوس" صلى الله عليه وسلمpiphanius أن من أسماء الأشهر عند العرب شهرًا اسمه صلى الله عليه وسلمggathalbaeith، "حج البيت" 3، أراد به شهر "ذي الحجة" والعرب الذين قصده هذا الكاتب هم عرب "الكورة العربية"، ومعنى هذا أن العرب الشماليين كان لهم شهر يسمى بـ"ذي الحجة" كذلك 4.
ولفظة صلى الله عليه وسلمggathalbaeith، هي لفظة عربية النجار حرفت على لسان "أفيفانيوس" وقومه؛ لتناسب منطقهم، فصارت على هذا النحو، وهي من كلمتين عربيتين في الأصل، هما "حجة البيت"، أو "حج البيت" ويكون نص "أفيفانوس" هذا من النصوص المهمة بالنسبة لنا، التي تساعدنا في الرجوع بتأريخ استعمال هذا المصطلح إلى أيامه، ولا بد أن يكون ذلك المصطلح قد استعمل قبل أيام ذلك الكاتب ولا شك.
ويقع شهر الحج "ذي الحجة" -على رواية "أفيفانيوس"– في "تشرين"