هلاك العرب البائدة:

هذا ويلاحظ أن هلاك العرب البائدة كان بسبب كوارث طبيعية نزلت بهم مثل انحباس المطر جملة سنين مما يؤدي إلى هلاك الحيوان وجوع الإنسان، واضطراره إلى ترك المكان والارتحال عنه إلى موضع آخر، قد يجد فيه زرعًا وماءً وقومًا يسمحون له بالنزول معهم كرهًا لقوّته ولتغلبه عليهم، أو صلحًا بأن يسمح الأقدمون له بالنزول في جوارهم لاتساع الأرض وللفائدة المرجوة للطرفين. وقد يتفرق ويتشتت بين القبائل، فيندمج فيها بمرور الزمن ويلتحق بها في النسب والعصبية، فيكون نسبة النسب الجديد. وبذلك ينطمر ذكر القبيلة القديم والأصل الذي كان منه. وقد لا يبقى منه غير الذكريات، كالذي رأيناه من أمر القبائل البائدة.

وقد تكون الكارثة هيجان حرّات وهبوب عواصف رملية شديدة عاتية تستمر أيامًا واهتزازات أرضية في الأرضين غير المستقرة، مما يُلحق الأذى بالناس.

ومن هنا نجد ذكر هذه الكوارث في القرآن الكريم وفي الأخبار الواردة عن هلاك القبائل المذكورة فيه، أو التي لم ترد فيه، وإنما يذكر أسماءها أهل الأخبار.

هذا وقد ألف بعض أهل الأخبار كتبًا في بعض العرب البائدة ومن هؤلاء "عُبيدة بن شَرْيَة الجُرْهُميّ"، و "ابن الكلبي"، فقد ذكر أن لهذا مؤلفًا دعاه "كتاب عاد الأولى والآخرة" و "كتاب تفرق عاد"1، ومنهم "أبو البختري" و "وهب بن وهب بن كثير" فله "كتاب طسم وجديس"2 وغير ذلك. والغالب على هذه المؤلفات كما يظهر من الاقتباسات منها والمبثوثة في الكتب الباقية، أنها ذات طابع أسطوري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015