الأرواح، تطير فيها مرفرفة حول القبور. وإلى هذه العقيدة أشير في شعر أبي دُواد:
سُلِّطَ الموتُ وَالمَنونُ عَلَيهِم ... فَلَهُم في صَدى المَقابِرِ هامُ
وكذلك في شعر للشاعر لبيد:
وَلَيسَ الناسُ بَعدَكَ في نَقيرٍ ... وَلا هُم غَيرُ أَصداءٍ وَهامِ1
ولهذا سموا الدماغ "الطائر" لأنهم تصوروه على صورة طير. قال الشاعر:
هم أنشبوا صم القنا في نحورهم وبيضًا تقيض البيض من حيث طائر
عنى بالطائر الدماغ. وعبر عنه للسبب المذكور بـ"الفرخ"2.
وورد أن "الصدى" ما يبقى من الميت في قبره، وهو جثته3، وقيل: حشوة الرأس، أي دماغ الإنسان الهامة والصدى. وكانت العرب تقول إن عظام الموتى تصير هامة فتطير. وقال بعض الأخباريين: إن العرب تسمي ذلك الطائر الذي يخرج من هامة الميت إذا بلي، الصدى4.
وقد نهى الإسلام عن الاعتقاد بالصدى والهامة. ورد في الحديث: "لا عدوى، ولا هامة، ولا صفر"5.
وذكر بعض العلماء أن المراد من "صفر" في الحديث النبوي المذكور دابة يقال إنها أعدى من الجرب عند العرب، فأبطل النبي أنها تعدي. وقال بعض آخر أراد به النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، وهو تأخيرهم المحرم إلى صفر في تحريمه وجعل صفر هو الشهر الحرام، فأبطله الرسول6.