...
الفصل الحادي والستون: أديان العرب
والعرب قبل الإسلام مثل سائر الشعوب الأخرى تعبدوا لآلهة، وفكروا في وجود قوى عليا لها عليهم حكم وسلطان، فحاولوا كما حاول غيرهم التقرب منها واسترضاءها بمختلف الوسائل والطرق، ووضعوا لها أسماء وصفات، وخاطبوها بألسنتهم وبقلوبهم، سلكوا في ذلك جملة مسالك، هي ما نسميها في لغاتنا بالأديان.
وتقابل كلمة "دين" العربية لفظة Religion في الإنكليزية من أصل "لاتيني" هو Religere أو Religare. وآراء العلماء المعنيين بتأريخ الأديان وفلسفتها على اختلاف كبير جدًّا في وضع حد علمي مقبول بين الجميع لموضوع الدين، وربما لا يوجد موضوع في العالم اختلفت في تحديده الآراء كهذا الموضوع: موضوع ماهية الدين وتعريفه، حتى صار من المستحيل وضع إطار يتفق عليه لصورة يجمع على أنها تمثل الدين. والشيء الوحيد الذي يمكن أن يفعله كاتب، هو أن يكتب رأيه بوضوح فيما يعنيه من "الدين"، فإذا فعل ذلك، صار من المعروف ما قصد صاحبه منه1.
وقد عرف بعض العلماء الدين أنه إيمان بكائنات روحية تكون فوق الطبيعة والبشر، يكون لها أثر في حياة هذا الكون2. وعرفه آخرون أنه استمالة واسترضاء.