المرة، حاول تعويض الخسارة بجولة جديدة وهكذا؛ لأنه إن يئس وجلس واستسلم للزمان، أكله جار له يطمع في ماله مهما كان، فهو لا بد له من استعداد لغزو جديد.
وفقر البادية قد حدد في الوقت نفسه من غرام الأعراب في الغزو. إذ جعل أسلحتهم محدودة وإمكانياتهم في القتال دون إمكانيات الحضر بكثير. لذا صار غزوهم للحضر كرًّا سريعًا وفرًّا بأقصى ما يكون من السرعة، للنجاة بما حصلوا عليه من سلب، أو للنجاة بأنفسهم من القتل في حالة الخسارة والهزيمة. ولهذا كانوا يحسبون ألف حساب حين يريدون غزو حدود الحكومات الكبيرة، ولا يقدمون عليه إلا بعد درس وتأمل ووقوف على مواطن الضعف والثغرات في خطوط الدفاع لتلك الحكومات. أما غزوهم بعضهم بعضًا، فإن أسلحتهم فيه متساوية متكافئة. سيوف ورماح ورمي بالسهام. والذي يكسب النصر فيه، من له عدد وافر كثير وخيل وفرسان شجعان، يأخذون الخصم بمباغتة ومفاجأة.