أفي كلّ أسواق العِراق إتاوة ... وفي كلّ ما باع امرؤٌ مكسُ درهم1
فإن ملوك العرب كانت تأخذ من التجار في البرّ والبحر، وفي أسواقهم، المكس، وكانوا يظلمونهم في ذلك. ولذلك قال جابر بن حنَيّ، وهو يشكو ذاك في الجاهلية ويتوعد، وهو قوله:
ألا تستحي منّا ملوك وتتقي محارمنا ... لا يبوو الدم بالدم
وفي كل أسواق العِراق إتاوة ... وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم2
ولهذا زعم الأعراب أن الله لم يدع ماكسًا إلا أنزل به بلية، وأنه مسخ منهم اثنين ضبعًا وذئبًا. فلهذه القرابة تسافدا وتناجلا، وإن اختلفا في سوى ذلك.
فمن ولدهما السمع والعِسبار. وفي هذا المعنى قول الشاعر:
مَسَخَ الماكسين ضبعًا وذئبًا ... فلهذا تناجلا أم عمرو
وضريبة "العشر" هي ضريبة معروفة بين الجاهليين، فقد كانت الحكومات تتقاضى عشر ما يحصل عليه التاجر من ربح في البيع والشراء، وكان المتولون أمور الأسواق يتقاضون العُشر كذلك. وقد أشير إليها في كتابة قتبانية، حيث كانت حكومة قتبان تتقاضى هذه الضريبة من المتعاملين في البيع والشراء، إذ كانت تأخذ عشر الأموال3، وتوسعت في ذلك حتى عمت هذه الضريبة على كل ربح أو وارد يصيبه الرجل سواء أكان ذلك من البيع والشراء أم من الإجازة والإرث4.
وقد كانت هذه الضريبة مقررة في كل جزيرة العرب وفي خارجها، ففي كل سوق من الأسواق عشارون يجبون العشر ممن يبيع ويشتري، بأمر المشرف على السوق ومن في أرضه تقام، ويقدم ما يجمع إليه. ومن أخذ العشر من التاجر، قبل