فقال: قلتم إنا لقاح ولسنا نؤدي الخراج والأريان، فإعطاء الخراج، أهون من الفرار وإسلام الدار للأحابيش، وأنتم مثل عدد من جاءكم المرار الكثيرة1.

ويقصدون باللقاح الحي لم يدينوا للملوك ولم يملكوا ولم يصبهم في الجاهلية سبأ2.

والإتاوة في الأصل الجباية عامة. أي: جباية كل شيء. وهي كلمة عامة تشمل أخذ كل عطاء، أي: كل ما يؤخذ طوعًا أو كرهًا عن شيء، فتشمل الخراج والجزية والجباية والرشوة، وما يفرض تعنتا وزوروًا، والمكوس والخراج إتاوة. يقال: أدى إتاوة أرضه، أي: خراجها، والجباية إتاوة. يقال: ضربت عليهم الإتاوة، أي: الجباية، وهي بمعنى الرشوة. يقال: شكم فاه بالإتاوة، أي: الرشوة. وتدخل فيها الرشوة على الماء. وجاء في قول الجعدي:

موالي حلفٍ لا موالي قرابة ... ولكن قطينًا يسألون الإتاويا

أي: هم خدم يسألون الخراج3

وقد ذكر "الجاحظ" الإتاوة في جملة ما ترك الناس في الإسلام من ألفاظ الجاهلية، إذ تركوها، وأحلوا لفظة "الخراج" محلها4.

وكانت قريش تأخذ ممن نزل عليها في الجاهلية شيئًا كانت تأخذ بعض ثيابه أو بعض بدنته التي ينحر، إتاوة. ولما خرج "ظويلم" الملقب بـ"مانع الحريم" في الجاهلية يريد الحج، فنزل على المغيرة بن عبد الله المخزومي، فأراد المغيرة أن يأخذ منه ما كانت قريش تأخذ ممن نزل عليها في الجاهلية، امتنع عليه "ظويلم" وقال:

يا رب هل عند من غفيره ... إنّ مني مانعه المغيره

ومانع بعد مني ثبيره ... ومانعي ربي أن أزوره

وذلك سُمي "الحريم" وظويلم الذي منع "عمرو بن صرمة" الإتاوة التي كان يأخذها من غطفان5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015