فلما قدم "زيد الخيل" على رسول الله أقطعه "فيد". وبها قرية "فيد"، سميت بـ"فيد بن حام" أول من نزلها. وهي من القرى الجاهلية1.

وقد أشار "ياقوت" إلى أحماء أخرى. منها حمى الربذة وحمى النير وحمى ذو الشرى وحمى النقيع2. وذكر أن بـ"النير" قبر كليب وائل3. وأن الخليفة "عمر" حمى "النقيع" لخيل المجاهدين ولنعم الفيء، فلا يرعاها غيرها4.

ولا يعقل أن يكون "كليب وائل" أول من حمى الحمى في الجاهلية. والظاهر أن شطط "كليب" وتعسفه" في الإكثار من الحمى، وشدة منعه الناس الغرباء من الرعي في أحمائه، جعل أهل الأخبار ينسبون مبدأ الإحماء إليه. وقد تكون لفظة "كليب" التي صارت وكأنها اسم كليب مع أنها لقب في الأصل، هي التي أوحت إلى ذهاب أهل الأخبار، بابتكار قصة استنباح "كليب" جروًا، ليكون مدى انقطاع سماع نباحه وعوائه نهاية الحمى، أي: حدوده. ونجد بعض أهل الأخبار يجعلون حدود الحمى المواضع التي تصل إليها الخيل وهي جارية، فتقف عندها من التعب. فيكون الحمى بهذه الطريقة أكبر وأوسع من الحمى المحدد بنباح كلب.

وفي أرض "بني أسد" "حزن"، كانت ترعى فيه إبل الملوك. وهو قف غليظ بعيد من المياه، فليس ترعاه الشياه ولا الحمر، وليس فيه دمن ولا روث. إليه أشير في قول الأعشى:

ما روضة من رياض الحز معشبة ... خضراء جاد عليه مسيل هطل5

ويتبين من دراسة ما أورده أهل الأخبار عن الحمى، أن الأحماء لم تكن أرضين صغيرة حدودها ضيقة بحدود مدى سماع عواء الكلب، بل أنها كانت أكثر من ذلك بكثير. كانت مقاطعة كبيرة تضم آبارًا وعيونًا وقرى في بعض الأحيان.

وقد حصل عليها أصحابها من الحروب والغزو في الأصل. فعندما يغزو سيد قبيلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015