ويمشي بالدف والمزمار فيطرب ويستخف الحليم1.

ويذكر أهل الأخبار أن الأنواع المذكورة كانت غناء العرب، حتى جاء الإسلام وفتحت العراق، وجلب الغناء والرقيق من فارس والروم، فغنوا الغناء المجزأ المؤلف بالفارسية والرومية، وغنوا جميعًا بالعيدان والطنابير والمعازف والمزامير2. وذكر أيضًا أن الغناء قديم في الفرس والروم، ولم يكن للعرب قبل ذلك إلا الحداء والنشيد، وكانوا يسمونه "الركباني" "الركبانية"3. والنشيد رفع الصوت، ومن المجاز الشعر المتناشد بين القوم ينشده بعضهم بعضًا4.

وذكر "المسعودي" أن غناء العرب النصب، ثلاثة أجناس: الركباني، والسناد الثقيل، والهزج الخفيف5.

ويرى بعض أهل الأخبار أن أصل الغناء ومعدنه إنما كان في أمهات القرى من بلاد العرب، حيث فشا بها، وانتشر. ومن هذه مكة والمدينة والطائف وخيبر ووادي القرى ودومة الجندل واليمامة، وهذه القرى مجامع أسواق العرب.

ورووا أن أول من غنى في العرب قينتان لعاد، يقال لهما: الجرادتان6. وهما قينتا "معاوية بن بكر الجرهمي" "معاوية بن بكر العملقي" غنّتا لوفد "عاد" بمكة، فشغلوا عن الطواف بالبيت وسؤال الله فيما قصدوا، فهلكت عاد وهم سامدون.

فلما رأى الجرهمي، وهو معاوية بن بكر، أحد العماليق، ذلك قال: هلك أخوالي "عاد"، ولو قلت لضيوفي شيئًا، ظنوا بين البخل، فألقى إلى الجرادتين شعرًا يذكر بمحنة "عاد"، فأنشدتاه الضيوف. وكان الجرهمي سيد مكة حين وفدت عاد تستقي في قحطها. وكان "قيل ابن عتر" أحد الرءوس الثلاثة لوفد عاد، حين ذهبوا في القحط إلى مكة يستسقون لقومهم7.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015