ابن عباس أنه قال: كانت الحامل إذا قربت ولادتها حفرت فمخضت على رأس تلك الحفرة، فإذا ولدت بنتًا رمت بها في الحفرة وردت التراب عليها، وإذا ولدت ولدًا حبسته1. ومنه قول الراجز:
سميتها إذ ولدت تموت ... والقبر صهرٌ ضامن زميّتُ
الزميت: الوقور2.
وفاعل العمل هو "الوائد" والبنت المدفونة وهي حية "الموؤودة"، والعادة "الوأد".
ويرجع بعض أهل الأخبار تاريخ الوأد إلى أيام "النعمان بن المنذر" ملك الحيرة، فيقولون: إن "بني تميم" منعوا الملك ضريبة الإتاوة التي كانت عليهم، فجرد الملك حملة عليهم كان أكثر رجالها من بني بكر بن وائل، أو قعت بهم وسبت ذراريهم. فلما ارضوا الملك وكلّموه في الذراري، "حكم النعمان بأن يجعل الخيار في ذلك إلى النساء، فأية امرأة اختارت زوجها، ردّت عليه، فاختلفن في الخيار. وكانت فيهن بنت لقيس بن عاصم المنقري، فاختارت سابيها على زوجها، فنذر قيس بن عاصم أن يدسَّ كل بنت تولد في التراب، فوأد بضع عشرة بنتًا.
وبصنيع قيس بن عاصم وإيجاده هذه السنة نزل القرآن في ذم. وأد البنات3. ورجع بعض الأخباريين الوأد إلى قبيلة ربيعة. زعموا أن بنتًا لرئيسها وسيدها وقعت أسيرة في أيدي قبيلة أغارت عليها: فلما عقد الصلح، لم تشأ البنت العودة إلى بيتها، فاختارت بيت آسرها، فغضب رئيس ربيعة لذلك، واستنّ هذه السنة، وقلدته بقية العرب حتى فشت بين القبائل4. وهي رواية قريبة في مضمونها وفي فكرتها