وعرف علماء اللغة "الخمر" بما أسكر من عصير العنب ومن عصير كل شيء يُسكر. ولما نزل الأمر بتحريم الخمر، كان شرابهم بالمدينة يومئذ الفضيخ، البُسْر والتمر في الغالب1. غير أن الجاهليين كانوا يصنعون الخمر من أي شيء يقع في أيديهم مما يمكن تخميره للحصول على مادة مسكرة منه مثل الحبوب والأعشاب وغير ذلك، بل كان منهم من يخمر اللبن، ولا سيما ألبان الإبل، للانتشاء بها. و "النشوة" السكر2.
وكان أهل المدينة يسقون ضيوفهم شرابًا من الفضيح. فإذا جاءهم ضيف سقوه منه. كانوا يضعونه في قلال وجرار وهو خليط من بسر وتمر، ومن تمر وزَهْو. والزهو3 هو البسر الملون الذي ظهرت فيه الحمرة والصفرة4، كما كانوا يصنعونها من خلط الزبيب والتمر5 أيضًا وكانوا يجلسون مجلسهم، ويسقيهم أحد أبناء صاحب الدار أو خادم من خدمه، من قلال أو كئوس يدور بها عليهم قليلا قليلا6.
واستخرج أهل اليمن من الشعير شرابًا عرف عندهم باسم "المزر"7. وذكر أن "المزر" نبيذ الذرة والشعير والحنطة والحبوب، وقيل: نبيذ الذرة خاصة. وذكر أبو عبيد أن ابن عمر فسر الأنبذة، فقال: البتع نبيذ العسل، والجعة نبيذ الشعير، والمزرة من الذرة، والسكر من التمر، والخمر من العنب8.
وورد أن أهل اليمن كانوا يتخذون شرابًا مسكرًا من القمح يستعينون به على برد بلادهم ويتقوون به على عملهم. وقد منعوا عن ذلك في الإسلام حين نزل الأمر بتحريم الخمر9.