فنزار أكثر، وإن تيمنت، فاليمن"1. والظاهر أن اختلاط قبائل قضاعة بقبائل قحطان وبقبائل عدنان هو الذي أحدث هذا الارتباك بين أهل الأنساب، فجعلهم ينسبونها تارة إلى قحطان، وأخرى إلى عدنان. تضاف إلى ذلك العوامل السياسية التي يغفل عن إدراكها أهل الأخبار.
ولا أستبعد كون قضاعة كتلة من القبائل كانت قائمة بنفسها قبل الإسلام. ربما كانت حلفًا كبيرًا في الأصل، ثم تجزأت وتشتّت، فالتحق قسم منها بمعد، وقسم منها باليمن.
وقد صرح بعض النَّسَّابين المعروفين أن العرب ثلاث جراثيم: نزار، واليمن وقضاعة2. فجعل قضاعة جذمًا قائمًا بذاته مما يشير إلى أهميتها قبل الإسلام وفي الإسلام، خاصةً إذا ما تذكرنا مكانة القبائل المنتمية إليها وأثرها الكبير في السياسة في الجاهلية وبعدها. ولما للنسب من أثر خطير في الميزان السياسي لذلك العهد، خاصة في أيام معاوية وفي دور الفتن التي وقعت في صدر دولة الأمويين، ولثقل هذه الكتلة، كان من المهم لمعاوية اجتذابها إليه، وضمّها إلي معدّ وهو منها، لتقوية هذا الحزب.
وكان قضاعة جد القضاعيين الأكبر على رواية أهل الأخبار، مثل سائر أبناء سبأ، مقيمًا في اليمن أرض آبائه وأجداده. ولكنه تشاجر مع وائل بن حمير، وتخاصم معه وآثر الهجرة إلى الشَّحر، فذهب إليها، وأقام في هذه الأرض مع أبنائه، وصار ملكًا عليها إلى أن توفي بها، فقبر هناك. فصار الملك لابنه "الحاف" "الحافي"3، وهو في زعم الأخباريين والد ثلاثة أولاد، هم: عمرو، وعمران، وأسلم. ومن نسل هؤلاء تفرعت قبائل قضاعة4. وأما أمهم، فبنت غافق بن الشاهد بن عك5. فكان من صلب عمرو: حيدان: