وفي رأيي أن معظم هذه الروايات التي يرويها الإخباريون عن ثقيف إنما وضعت في الإسلام، بغضًا للحَجَّاج الذي عرف بقسوته وبشدته، فصيروا ثقيفًا عبدًا لأبي رغال, وجعلوا أصله من قوم نجوا من ثمود. وأبو رغال نفسه جاسوس خائن في نظر الإخباريين، حاول إرشاد أبرهة إلى مكة، فكيف يكون إذن حال رجل من قوم فَسَقَة كَفَرَة, ثم صار عبدًا لجاسوس لئيم! وقد رأيت أن من أهل الأخبار من صير "ثقيفًا" رجلًا مهاجرًا، هاجر في البلاد يلتمس العيش حتى جاء وادي القُرَى، فتبنته عجوز يهودية، وعطفت عليه، حتى إذا ما ماتت أخذ مالها، وهاجر إلى الطائف، وكان لئيما فطمع في غنم لأمة حبشية، وكاد يقتلها لولا إشارتها عليه باللجوء إلى "عامر بن الظَّرِب"، الجواد الكريم، وصاحب الطائف، فأعطاه وحباه، ولكن أبى لؤم ثقيف إلا أن ينتقل إلى ولده، فتنكروا لبني عامر وأخرجوهم عن الطائف، واستبدوا وحدهم بها.
وبنو ثقيف حزبان: الأحلاف ومنهم: "غيلان بن سلمة" و"كنانة بن عبد ياليل" و"الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب"، و"ربيعة بن عبد ياليل" و"شرحبيل بن غيلان بن سلمة" و"عثمان بن أبي العاص" و"أوس بن عوف" و"نمير بن خرشة بن ربيعة"، وقد ذهب هؤلاء إلى الرسول وأسلموا، فاستعمل عليهم "عثمان بن أبي العاص". وأما القسم الثاني، فعُرف بـ"بني مالك"، وقد ذهب نفر منهم مع هذا الوفد إلى الرسول، فضرب لهم قبة في المسجد, وأما الأحلاف فنزلوا ضيوفًا على "المغيرة بن شعبة" وهو من ثقيف1.