ويوحنا مولى صهيب الرومي، وصهيب الرومي نفسه، وهو من الصحابة، جاء من بلاد الشام، ونزل بمكة، وتشارك مع مثري قريش عبد الله بن جدعان, ثم استقل عنه، وصار ثريا من أثرياء مكة. ثم دخل في الإسلام1, ومنهم مولى يوناني تزوج سمية أم بلال2. وقد بقي نفر من النصارى محتفظين بدينهم بمكة في أيام الرسول3.
وفي حديث الإخباريين عن بناء الكعبة أن قريشًا استعانت بعامل من الروم، أو من الأقباط اسمه باقوم، كان نجارًا مقيمًا بمكة، في تسقيف البيت. وفي حديث آخر لهم: إن هذا الرجل كان في سفينة جهزها قيصر الروم لبناء كنيسة, وقد شحنها بالرخام والخشب والحديد، فجنحت عند "الشعيبة" فاستعانت قريش بما تبقى من أخشابها وبخبرة هذا الرومي في تسقيف البيت4. وقد دعى بـ"بلقوم الرومي" أيضًا5.
وفي كتب السير وكتب تراجم الصحابة أسماء جوارٍ يونانيات أو من بلاد الشام أو من العراق، وقد تزوجن في مكة ونسلن ذرية كانوا فيها قبل الإسلام, وقد كان منهن في مواضع أخرى من جزيرة العرب بالطبع.
ويعود قسط كبير من وجود الكلمات الحبشية والرومية والفارسية في العربية إلى الرقيق الأسود والأبيض. وهذه الكلمات هي مسميات لأمور غريبة عن العربية لم يكن لأهل مكة ولا لغيرهم علم بها، فاستعملوها كما وردت وأخذت، أو صقلت حتى لاءمت اللسان العربي، كما حدث ويحدث في اللغات الأخرى، وعربت وصارت من ألفاظ العربية، وقد لاحق قسمًا منها علماء اللغة، فوضعوا فيها كتبًا بحثت في تلك المعربات، وفي القرآن الكريم طائفة منها لم يغفل عنها أرباب اللغة والمفسرون6.