كلما احتاج إلى مال ذهب، فاستخرج ما يحتاج إليه من ذلك الكنز, حتى صار من أغنى أغنياء مكة1.

فثراء "عبد الله بن جدعان" هو من هذا الكنز, على زعم رواة هذه القصة التي يتصل سندها بـ"عبد الملك بن هشام" راوية "كتاب التيجان"، وهو كتاب مليء بالأقاصيص والأساطير، وقد تكون القصة صحيحة، فعثور الناس على كنوز ودفائن من الأمور المألوفة، وقد عثر غيره ممن جاءوا قبله أو جاءوا بعده على كنوز، بل ما زال الناس حتى اليوم يعثرون عليها مصادفة أو في أثناء الحفر والتنقيب. والشيء الغريب فيها هو هذا التزويق والنتميق، وهو أيضا شيء مألوف بالنسبة إلينا، وغير غريب وقد تعودنا قراءته، فمن عادة القصاصين ورواة الأساطير والأباطيل الإغراب في كلامهم والكذب فيه لأسباب لا مجال لذكرها هنا، وعلى رأس هذه الطائفة "وهب بن منبه" صاحب "كتاب التيجان".

وذكر أنه لثرائه كان لا يشرب ولا يأكل إلا بآنية من الذهب والفضة, فعرف لذلك بـ"حاسي الذهب"2.

ويذكر أهل الأخبار أن "عبد الله بن جدعان" كان نخاسًا، له جوارٍ يساعين، ويبيع أولادهن. فكانت جواريه تؤجر للرجال، وما ينتج عن هذا السفاح من نسل يربى، فيبقي منه عبد الله ما يشاء ويبيع منه ما يشاء3. ولكنه مع اتجاره بالرقيق، وعلى النحو المتقدم، كان -كما يقولون- يعتق الرقاب, ويعين على النوائب، ويساعد الناس, ويقضي الحاجات4، ولا سيما بعد تقدمه في السن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015