تحنث بغار حراء, والتحنث: التعبد الليالي ذوات العدد. وكان إذا دخل شهر رمضان، صعده وأطعم المساكين، وكان صعوده للتخلي من الناس؛ ليتفكر في جلال الله وعظمته1. وكان يعظم الظلم بمكة، ويكثر الطواف بالبيت2.
وذكر أنه كان يأمر أولاده بترك الظلم والبغي، ويحثهم على مكارم الأخلاق, وينهاهم عن دنيات الأمور، وكان يقول: لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم الله منه، وإن وراء هذه الدار دارًا, يجزى فيها المحسن بإحسانه، ويعاقب المسيء بإساءته، ورفض في آخر عمره عبادة الأصنام، ووحد الله. وروي: أنه وضع سننًا جاء القرآن بأكثرها، وجاءت السنة بها، منها: الوفاء بالنذر, وتحريم الخمر والزنا، وألا يطوف بالبيت عُريان3. وذكر أنه كان أول من سن دية النفس مائة من الإبل، وكانت الدية قبل ذلك عشرًا من الإبل, فجرت في قريش والعرب مائة من الإبل, وأقرها رسول الله على ما كانت عليه4.
ويذكرون أن قريشًا كانت إذا أصابها قحط شديد، تأخذ بيد عبد المطلب، فتخرج به إلى جبل ثَبِير، تستسقي المطر5.
وقد وقع خلافٌ بين عبد المطلب وعمه "نوفل"، كان سببه أن نوفل بن عبد مناف، وكان آخر من بقي من بني عبد مناف، ظلم عبد المطلب على أركاح له، وهي الساحات، فلما أصر نوفل على إنكاره حق عبد المطلب, تدخل عقلاء قريش في الأمر على رواية أهل مكة, أو أخوال عبد المطلب, وهم من أهل يثرب، فأكره "نوفل" على إنصاف عبد المطلب حتى عاد إليه حقه6.
ومن أهم أعمال "عبد المطلب" الخالدة إلى اليوم "بئر زمزم" في المسجد الحرام، على مقربة من البيت. وهي بئر يذكرون أنها بئر إسماعيل، وأن جرهمًا