وأخذ "هاشم" عهدًا على نفسه بأن يسقي الحجاج ويكفيهم بالماء، قُرْبَةً إلى رب "البيت" ما دام حيًّا. فكان إذا حضر الحج، يأمر بحياض من أدم، فتجعل في موضع "زمزم", ثم تملأ بالماء من الآبار التي بمكة, فيشرب منها الحاج. وكان يطعمهم قبل التروية بيوم بمكة، وبمنى وعرفة، وكان يثرد لهم الخبز واللحم، والخبز والسمن والسويق والتمر، ويحمل لهم الماء, فيستقون بمنى، والماء يومئذ قليل في حياض الأدم إلى أن يصدروا من "منى", ثم تنقطع الضيافة، ويتفرق الناس إلى بلادهم1.
وموضوع السقاية موضوع غامض؛ فبينما نجد أهل الأخبار يفسرون السقاية بإسقاء المحتاجين من الحجاج بالماء مجانا، نجدهم يتحدثون عن السقاية على أنها إسقاء الحجاج من الزبيب المنبوذ بالماء، وذكر أن العباس كان يليها في الجاهلية والإسلام2.
وتحدث أهل الأخبار عن "سقاية" عرفت بـ"سقاية عدي"، زعموا أنها كانت بالمشعرين بين الصفا والمروة، وأن مطرودًا الخزاعي ذكرها حين قال:
وما النيل يأتي بالسفين يكفّه ... بأجود سيبًا من عدي بن نوفل
وأنبطت بين المشعرين سقاية ... لحجاج بيت الله أفضل منهل
وذكر أن هذه السقاية، كانت بسقاية اللبن والعسل3.
ويظهر من وصف الإخباريين لهاشم أنه كان تاجرًا، له تجارة مع بلاد الشام، وأنه جمع ثروة من تجارته هذه، حتى زعموا أنه هو أول من سن الرحلتين لقريش: رحلة الشتاء والصيف4, وأنه كان صاحب "إيلاف قريش"5.