خيولهم وعددهم وأموالهم حتى أتوا "الأبلة"، فركبوا في سفن البحر، وساروا حتى أتوا ساحل حضرموت في موضع يقال له "مثوب"، فخرجوا من السفن فأمرهم "وهرز" أن يحرقوا السفن؛ ليعلموا أنه الموت. ثم ساروا من هناك برًّا حتى التقوا بـ"مسروق"1.
وذكر "المسعودي"، أن "كسرى أنو شروان"، اشترط على "معديكرب" شروطًا: منها أن الفرس تتزوج باليمن ولا تتزوج اليمن منها، وخراج يحمله إليه. فتوج "وهرز" معديكرب بتاج كان معه وبدنه من الفضة ألبسه إياها، ورتبه بالملك على اليمن، وكتب إلى "أنو شروان" بالفتح2.
قال "المسعودي" ولما ثبت "معديكرب" في ملك اليمن، أتته الوفود من العرب تهنِّيه بعود الملك إليه، وفيها وفد مكة وعليهم عبد المطلب، وأمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وخويلد بن أسد بن عبد العُزى، وأبو زمعة جد أمية بن أبي الصلت، فدخلوا إليه، وهو في أعلى قصره بمدينة صنعاء المعروف بغمدان وهنئوه، وارتجل عبد المطلب خطابًا، ذكر المسعودي وغيره نصه، وأنشد "أبو زمعة" شعرًا، فيه ثناء على الملك وحمد للفرس "بنو الأحرار" الذين ساعدوا أهل اليمن، على "سود الكلاب"3.
وإذا أخذنا برواية "المسعودي" عن وفد مكة، وبما يذكره أهل الأخبار عن مدة حكم الحبش على اليمن، وهي اثنتين وسبعين سنة، وجب أن يكون ذهاب الوفد إلى صنعاء بعد سنة "597" للميلاد، وهذا مستحيل. فقد كانت وفاة "عبد المطلب" في السنة الثامنة من عام الفيل، والرسول في الثامنة إذ ذاك فتكون وفاة "عبد المطلب" إذن في حوالي السنة "578" أو "579" للميلاد، أي في أيام وجود الحبش في اليمن، وقبل طردهم من بلاد العرب، أما لو أخذنا برواية الباحثين المحدثين التي تجعل زمن طرد الحبش عن اليمن سنة "575" للميلاد، أو قبلها بقليل، فيكون من الممكن القول باحتمال ذهاب "عبد المطلب" إلى اليمن، على نحو ما يرويه "المسعودي".