المنذر أمرًا سريًّا بالعمل على قتله، وصادف أن الروم كانوا قد انتهوا من بناء كنيسة في "حوارين"، وقد عزم "ماكنوس" على تدشينها، فكتب يدعو صديقه إلى الاحتفال بذلك، فلما كان على مقربة منه، قبض عليه وأرسله محفورًا إلى العاصمة حيث أجبر على الإقامة فيها مع إحدى نسائه وبعض أولاده وبناته، وذلك في أيام القيصر طباريوس وفي ابتداء السنة "582" للميلاد. ولما انتقل العرش إلى موريقيوس، وكان يكرهه ويعاديه، أمر بنفيهما إلى صقلية وبقطع المعونة التي كان الروم يدفعونها إلى الغساسنة في كل عام1.

وقد لقب حمزة المنذر بلقب الأكبر، وجعل مدة حكمه ثلاث سنين، ونسب إليه بناء "حربا" وموضع "زرقا" على مقربة من الغدير2. وقد أخطأ "حمزة" في مدة حكم المنذر، إذ هي تزيد على تلك المدة، فقد حكم على رأي الباحثين من سنة "569" حتى سنة "582" للميلاد3.

أثار عمل الروم هذا ثائرة أبناء المنذر، فتركوا ديارهم، وتحصنوا بالبادية وأخذوا يهاجمون منها حدود الروم ملحقين بها أذًى شديدًا، فاضطر القيصر على أثره أن يوعز إلى القائد "ماكنوس" بتجهيز حملة من أبناء المنذر ألحق بها أحد إخوة المنذر. وكان قد أعد ليتولى مقام أخيه، غير أنه توفي بعد أيام. ولما كان من الصعب على الروم مهاجمة أبناء المنذر في البادية، عمد القائد إلى المكيدة فأرسل إلى النعمان كبير أبناء المنذر أنه يريد مقابلته للاتفاق معه على وضع شروط للصلح، وقد ظن الأمير أن القائد صادق فيما دعا إليه فذهب لمقابلته، فقبض الروم عليه، وأرسلوه مخفورًا إلى العاصمة حيث حجروا فيها عليه4.

وكان موضع "حوارين" في جملة المواضع التي هاجمها النعمان بعد ارتحال "ماكنوس" عنها، وقد استولت عساكره عليها، وقتلوا بعض أهلها، وأسروا قسمًا من الباقين، ثم عادوا بغنائم كثيرة إلى البادية للاحتماء بها من هجمات الروم5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015