الشروح التي ذكرها الرواة في تفسير هذه الكلمة، أن "عمرًا" لم يكن قويًّا صاحب عزم وإرادة، وأنه اكتفى بما وقع له من أبيه، فلم يسع في توسيعه وتقويمه، وأن حكمه على ما يظهر لم يكن طويلًا، وقد جعله ابن الكلبي في جملة من كان يخدم "حسان بن تبع" تبع حمير، ولم يلقبه بلقب ملك، بل قال: إنه كان سيد كندة في زمانه. وذكر أن "حسان بن تبع" حين سار إلى جديس، خلقه على بعض أموره. فلما قتل "عمرو بن تبع" أخاه "حسان بن تبع"، وملك مكانه اصطنع "عمرو بن حجر"، وكان ذا رأي ونبل، وكان مما أراد عمرو إكرامه به وتصغير بن أخيه حسان أن زوجة ابنة "حسان بن تبع"، فتكلمت في ذلك حمير. وكان عندهم من الأحداث التي ابتلوا بها؛ لأنه لم يكن يطمع في الترويج إلى أهل ذلك البيت أحد من العرب. وولدت ابنة "حسان بن تبع" لعمرو بن حجر "الحارث" الذي عينه "تبع بن حسان بن تبع بن ملكيكرب بن تبع الأقرن"، أي خال "الحارث" على بلاد معد1.

ويظهر من رواية مرجعها ابن الكلبي أن الأسود بن المنذر ملك الحيرة، كان قد تزوج ابنة لـ"عمرو بن حجر"، فولدت له "النعمان بن الأسود" الذي حكم في زمن "قباذ" أربع سنين، ولذلك عرفت بـ"أم الملك"2.

وانتقل الملك على رأي أكثر الأخباريين من عمرو إلى ابنه الحارث: وهو المعروف بـ"الحارث الحراب" على بعض الروايات3. وقد ورد في شعر للشاعر "لبيد" هذا البيت:

وَالحارِثُ الحَرّابُ خَلّى عاقِلًا ... دارًا أَقامَ بِها وَلَم يَتَنَقَّلِ

وقد ذهب الأصمعي إلى أن الشاعر المذكور قصد بـ"الحارث الحراب" الحارث الذي نتحدث عنه. وذلك لأن "عاقلًا" من ديار كندة. وهو جبل كان يسكنه "حجر أبو امرئ القيس"4. وإذا أخذنا بهذه الرواية وجب علينا أن نفترض أنه كان قد أقام بموضع عاقل وحكم منه في أغلب الأوقات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015