الخمر ويجالس ندماءه ليشرب معهم، غير أن الخمر كانت تؤثر فيه وتستولي على عقله، فتدفعه إلى السكر والعربدة والتطاول على ندمائه، مما أزعج أصدقاءه وحولهم إلى خصوم وأعداء بسبب إهانات لحقت بهم منه في أثناء فقده وعيه وعدم تمكنه من حفظه اتزانه1.
وقد عبر الشاعر "لبيد بن ربيعة العامري" عن النعمان بـ "الصعب ذي القرنين" في شعره، مما يدل على أن لقب "الصعب" الذي لقبه به كان معروفًا شائعًا بين الناس2. وقد يكون معبرًا عن معنى آخر غير معنى الصعوبة في الملك، كأن يكون إطلاقهم له من قبيل إطلاقهم لفظة "تبع" على من ملك من حمير. وأما "ذو القرنين" فقد قيل: إن القرنين هم الضفيرتان، وأن القرن الضفيرة. وقد دعي بذلك؛ لأنه كان قد ربى ضفيرتين3.
وقد جاء في رواية أخرى أن "الصعب ذا القرنين" لم يكن النعمان المذكور كما ذهبت إليه الرواية المتقدمة، وإنما هو "المنذر بن ماء السماء، وأنه هو ذو القرنين"4.
ويظهر من بيت الشعر الذي نتحدث عنه وهو:
والصعب ذو القرنين أصبح ثاويًا ... بالحنو في جدث، أميم، مقيم
إن "الصعب ذا القرنين" كان قد ثوى في قبره، فهو يرثيه ويذكره. وذهب الشراح إلى أن "الحنو" اسم بلد، ومعنى هذا أن الملك الذي يشير إليه "لبيد" قد دفن في هذا الموضع، والذي نعرفه من بعض الروايات أن قبر "النعمان" كان بالحيرة، وأن ابنته هندًا قد دفنت إلى جانبه.
ومن الشعراء الذين نسب إليهم هجاء النعمان الشاعر عمرو بن كلثوم، وله فيه وفي أمه هجاء مر. وقد وصف خاله بأنه ينفخ الكير، ويصوغ القروط بيثرب أي أنه كان من صاغة تلك المدينة، وهو مما يؤيد روايات الأخباريين في أصل أمه5.