الفرس ومن اليهود. والنبط هم من بقايا قدماء العراقيين، وقد كان بعضهم يتكلم العربية برطانة ظاهرة، فتأثر بعض عرب الحيرة بهذه الرطانة، فبدت على ألسنتهم، وذلك باختلاطهم بتلك البقية التي تكلمت بلهجة بني إرم وهي التي عرفت بلغة "النبط" عند المسلمين1.

وكانت للوثنيين من أهل الحيرة أصنام، منها: اللآت، والعزى، وسبد2، و"محرق" وبه تسمى بعض الرجال تبركًا وتقربًا إليه3.

لقد كان معظم نصارى الحيرة على مذهب النساطرة، وهو مذهب شجعه الفرس في بلادهم نكاية بالروم. غير أن هنالك جماعة كانت على مذهب اليعاقبة، كما كان بعضهم على مذاهب نصرانية أخرى لا مجال للحديث عنها في هذا المكان. وقد حاول أصحاب هذه المذاهب كسب أكبر عدد ممكن من الناس إلى مذاهبهم. وطبيعي ألا يجد مذهب الروم صدرًا رحبًا في الأرضين الخاضعة للفرس، لما في ذلك من أخطار سياسية تهدد مصالحهم.

وقد كانت الحيرة من المراكز المهمة في حركة التبشير بالنصرانية بين العرب. ومن الحيرة ذهب قسم من المبشرين إلى اليمن والأجزاء الأخرى من جزيرة العرب لنشر النسطورية والمذاهب النصرانية الأخرى هناك، وفيها انعقد مجمع "دار يشوع" في سنة "424"4، وفي هذه المدينة توفي هذا الجاثليق "دار يشوع" ودفن فيها على بعض الروايات5.

ما ذكرته عن أهل الحيرة، هو ما يخص أهل المدينة وما حولها من الحضر المستقرين. أما من كان قد خضع لملوك الحيرة، فكانوا قبائل يعيشون في أرضين واسعة، كانت تتقلص سعتها وتتوسع بحسب قدرة "ملك الحيرة" ومكانته، فقد حكم "امرؤ القيس" مثلًا "كل العرب" على حد قول النص: "نص النمارة" الذين وجد على قبره. ويقصد بذلك "كل الأعراب"، وخص منهم "أسدًا" و"نزارًا" و"مذحجًا" وغيرها، حتى بلغ حدود "نجران"،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015