وحرص بعض المؤرخين على إدخال الملكة في زمرة النصارى فزعموا أنها كانت على دين المسيح. وتساهل آخرون بعض التساهل فقالوا أنها لم تكن نصرانية أصيلة ولكنها كانت قريبة منها ميالة إليها، وجحد حجج من قال بتهود الملكة وسخفها. وتوسط آخرون فقالوا إنها لم تكن يهودية محضة، ولا نصرانية خالصة، إنما كان دينها وسطًا بين الدينين: كانت تعتقد بوجود الله، وترى التوحيد، ولكنها لم تكن على اليهودية وعلى النصرانية، بل رأت الخالق كما يراه الفيلسوف1.
وللمؤرخين آراء في أصل "الزباء" ونسبها وأسرتها، فمنهم من ذهب إلى أنها مصرية، ومنهم من ذهب إلى أنها من العماليق ومن هؤلاء المؤرخ "آيشهورن" "صلى الله عليه وسلمichhorn"2. وقد أخذ هؤلاء آراءهم من الكتب العربية على ما يظهر. وذهب المؤرخ اليهودي "كريتس" "Graetz" "Gratz" إلى أنها "ادومية" من نسل "هيرودس" وأنها يهودية الدين3. ورأى "رايت" "Wreght" و"أوبردك" "Oberdick" وآخرون أنها من أب عربي ولكنها من دم مصري من ناحية الأم. والذي عليه أكثرهم أنها عربية الأصل4.
وقد ذكر "المسعودي" أن بعض المؤرخين كانوا يزعمون أنها "رومية" تتكلم العربية5.
أظهرت "الزباء" مقدرة فائقة في إدراة شؤون الملك، فخاف منها الرومان، وعزم "غاليانوس" بتحريض من شيوخ "رومة" على القضاء عليها قبل استفحال أمرها، فأرسل جيشًا إلى الشرق تظاهر أنه يريد من إرساله محاربة "سابور" غير أنه كان يريد في الواقع مهاجمة تدمر وإخضاع الملكة. فبلغ خبره مسامع "الزباء" فاستعدت لمقابلته وخرجت له، والتحمت فعلًا بكتائب الرومان، وانتصرت عليها انتصارًا باهرًا، وولت هاربة تاركة قائدها "هرقليانوس" "Heraclianus" قتيلًا في ساحة الحرب6.