فيه ما قرأته من تواريخ الأمم الشرقية ولا سيما تأريخ مصر1، وأنها استقدمت مشاهير رجال الفكر إلى عاصمتها، مثل الفيلسوف الشهير "كاسيوس ديونيسيوس لونجينوس" "Cassius Lunginus" "220 – 273م" بعد الميلاد. وكان فيلسوفًا على مذهب الأفلاطونية الحديثة ومن أصدقاء الفيلسوف "فرفوريس" "Phorphyrios"، استقدمته الملكة إلى عاصمتها واستضافته عندها وجعلته مستشارًا لها، فأخلص لها في مشورته، فكان ذلك سببًا في قتله. فقتله القيصر "أوريليانوس" "صلى الله عليه وسلمurelianus"، لاتهمامه أنه كان يحرض الملكة على الرومان2.

ومثل الكاتب المؤرخ "كليكراتس الصوري"، و"لوبوكوس" البيروتي اللغوي الفيلسوف، و"بوسانياس" الدمشقي المؤرخ، و"نيوكوماخس" "Nicomachus" من زمرة الكتاب المؤرخين، المتضلعين بالإغريقية، ومن الفلاسفة، وقد تولى الكتابة باللغة الإغريقية، وصار من مستشاريها كذلك3. ولذلك أمر به القيصر "أورليانوس" فقتل بعد محاكمته بمدينة حمص، في الوقت الذي حوكمت فيه الملكة والفيلسوف "لونجينوس"، الذي قطع رأسه بعد أن مثل به4. وفي حشد هذا النوع من الرجال دلالة على ميول الملكة الفلسفية الأدبية وثقافتها العالية ولا شك.

وملكة شأنها هذا، لا بد أن تكون حرة الفكر، متساهلة مع أصحاب العقائد والآراء. وهذا ما كان، ففي مدينة "تدمر" الوثنية عاشت جالية كبيرة من اليهود تمتعت بممارسة شعائرها الدينية بكل حرية، ونالت حقوق المواطنة التي كان يتمتع بها التدمريون، جاءت إلى المدينة مهاجرة من فلسطين خاصة بعد خراب القدس على أيدي القيصر "طيطوس" "تيتوس" "Titus" في سنة "70" بعد الميلاد5. فاشتغلت فيها بالتجارة، فحصلت على أرباح طائلة جدًّا، وصار لها في المدينة اسم وشأن حتى إن مجلس المدينة والشعب أقام تمثالًا في سنة "569"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015