وكان ممن ذهب إلى اليمن شاب نمساوي اسمه "سيكفريد لنكر" "siegfrid langer"، وقد استطاع تصوير بعض النقوش واستنساخ قسم من الكتابات في عام 1882م؛ غير أن القدر عاجله إذ قتل هناك، فَفَقَد البحث في تأريخ اليمن بوفاته عضوًا نشيطًا. غير أن نمساويًّا آخر عوّض عن خسارة ذلك الشاب، وهو العالم "إدورد كلاسر" "eduard glaser". وقد قام بأربع رحلات إلى اليمن، ورجع بعدد كبير من النصوص والنقوش وبمادة غزيرة من المعلومات1.
بدأ الرحلة الأولى "في أكتوبر من سنة 1882م"، وختمها في شهر آذار "مارس" من سنة 1884م، وكانت الحالة السياسية في ذلك الزمن مضطربة، والأوضاع غير مساعدة، والفوضى عامة في بلاد اليمن، ولم يكن للحكومة على القبائل من سلطان. ومع ذلك تمكّن من الحصول على "250" نقشًا رجع بها إلى أوروبة. أما الرحلة الثانية، فكانت في نيسان سنة 1885م ودامت حتى فبراير سنة 1886، وقد زار في أثنائها المناطق الجنوبية الشرقية والمنطقة الجنوبية الممتدة من جنوب "صنعاء" حتى" مدينة "عدن". وقد تمكن من جمع معلومات مهمة عن طبغرافية البلاد وأماكنها الأثرية، وعاد بنصوص معينة مهمة دخلت في ممتلكات المتحف البريطاني2.
وقام بالرحلة الثالثة في سنة 1887م، ومكث في اليمن إلى سنة 1888م، وكانت رحلته هذه موفَّقة جدًّا؛ إذ حصل على آثار ونقوش كتابية كانت على جانب عظيم من الأهمية، منها أربعمائة نصّ أخذها من مدينة "مأرب" عاصمة "سبأ"، ومن هذه النصوص نصّان عن تصدع سدّ مأرب يرجع عهدهما إلى زمن قريب من ميلاد الرسول، ونصوص أخرى من مدينة "صرواح" يرجع عهدها إلى العصر السبئي، وهي ذات أهمية كبيرة في تدوين تأريخ بلاد العرب الجنوبية3.
وكانت رحلته الرابعة، وهي الأخيرة، في سنة 1892م، وكانت موفقة