قد تلقى أمدادًا من إفريقيا، فصار يهاجم بها السواحل، ويعبئ بها سفنه لمهاجمة الأماكن البعيدة عن منطقة احتلاله. ولم يتحدث النص عن مصيره بعد هزيمة جيشه من ظفار ومن أرض "معافر". والظاهر أنه بقي في أرض "المعاهر" "معهرت" "معهرة"، وأن السبئيين لم يزيحوا الحبش عنها، فبقوا معسكرين ومتحصنين في هذه الأرض وفي الحصن.
ولدينا نص وُسِمَ بـJamme 633 يفيد أن صاحبه واسمه "أبكرب أحرس" "أبو كرب أحرس"، وهو من بني "عبلم" و"يحمذيل" "يحمد آل" "يحمد إيل" كان قد تولى أمر الحميريين المستقرين الذين صاروا بين جيشين وأنه قام بواجبه، غير أنه أصيب بمرض صار يعادوه، وأنه لما عاد من "لحج" قدم تمثالًا إلى الإله "المقه ثهوان" وضعه في معبده: "معبد أوام"؛ وذلك ليحفظه من كل سوء، لأنه ساعده على تحمل مرضه، وأعاده إلى دياره من "لحج"، وقد قدم نذره هذا في شهر "دنم" من سنة "أبكرب بن معد كرب" "أبي كرب بن معد يكرب بن فضحسم"1. وليس في هذا النص شيء عن هوية الجيشين، ويرى بعض الباحثين أن المراد بذلك أن الحميريين المذكورين كانوا في ذلك العهد قد صاروا بين فرقتين من فرق الجيش، جيش "شهر أوتر": فرقة مؤلفة من محاربين سبئيين، وفرقة مؤلفة من محاربين حميريين، وأن الحكومة عينت صاحب النص على الأهلين الحميريين الذين صاروا بين الجيشين، ليضمن تعاونهم وتآزرهم مع الجيشين، وييسر لهم الطعام والماء2. ولم يشر النص إلى قتال أو حرب يومئذ، ولكن يظهر أن وجود الفرقتين هناك كان بسبب وجود حالة غير طبيعية، ولعلها حالة الحرب التي أتحدث عنها.
ويحدثنا القائد المتقدم، أي "أبكرب أحرس", في نص آخر له يتألف من "46" سطرًا، وسمه الباحثون بـJamme 635 وهو من النصوص التي دونها وسجلها "جامه" Jamme أحد أعضاء البعثة الأمريكية لدراسة الإنسان3، بأنباء معارك واضطرابات وانتفاضات قام بها القبائل ضد سيدها الملك "شعر أوتر" في الجنوب وفي الشمال، في البحر وفي البر "يبسم"، اشترك فيها هذا القائد،