كان ملكًا؛ لأنه كان صاحب لقب، وهذا اللقب هو "يهأمن" وهو نعت خاص بالملوك1. ذلك؛ لأننا لا نملك دليلًا قاطعًا يثبت أن كل من كان ينعت نفسه بنعت كان ملكًا، وأن نوعًا خاصًّا من النعوت كان قد حرم على الناس؛ لأنه خصص بالملوك، وآية بطلان هذا الرأي أننا نجد كثيرًا من سادات القبائل وسائر الناس يحملون ألقابًا أيضًا من نوع ألقاب الملوك، فليس في الألقاب تخصيص وتنويع في نظري.
وبناء على ما تقدم، لا نستيطع إدخال "ناصر يهأمن" ولا أخيه "صدق يهب" في عداد ملوك سبأ، ونرى وجوب اعتدادهما سيدين كبيرين من سادات قبيلة "همدان"، كان لهما سلطان واسع على قبيلتهما وفي سبأ، ولذلك ذكر أشراف القبيلة اسميهما في كتاباتهم، ولقبوهم بلقب "أمرائهم" فالواحد منهم هو بمنزلة "أمير"، ومعنى ذلك أن "ناصر يهأمن" كان أميرًا على همدان، وكذلك كان أخوه2. والظاهر أن تقديم اسم "ناصر يهأمن" على اسم أخيه يشير إلى أن "ناصر يهأمن" كان أكبر سنًّا من شقيقه، لذلك كان هو المقدم عليه.
ويظهر من بعض النصوص التي ذكرت اسم "ناصر يهأمن" أنه كان قويًّا، وله قوة عسكرية ضاربة، وتحت إمرته عدد من القادة، بدليل ورود لفظة "مقتت"، جمع "مقتوي"، ومعناها "الضباط" و"القادة"، وقد اشتركت قواته في بعض المعارك، في عهد الملك "نشأكرب يهأمن"، وكان من المعاصرين له. والظاهر أنه بقي حيًّا إلي أيام "وهب ايل يحز" وبناء على هذا يكون قد عاش في حوالي السنة "175" والسنة "150" قبل الميلاد، وذلك على افتراض أن حكم "نشأكرب يهأمن" كان فيما بين السنة "175" والسنة "160" قبل الميلاد، وأن حكم "وهب ايل يحز" كان بين السنة "160" والسنة "145" قبل الميلاد، على حسب تقدير "جامه"3.
وليس في استطاعتنا تحديد العمل الذي قام به "صدق يهب" في همدان،